معروفة بأنها “إيزيس السينما المصرية”.. قاطعت السينما منذ “رغبة متوحشة” بطولتها هي والفنانة نادية الجندى والفنان محمود حميدة.. ونفس الرواية صنعت فيلماً آخر حمل اسم “الراعى والنساء” بطولة الراحلين أحمد زكى وسعاد حسني.. وقاطعت أيضاً عشقها الأول المسرح بعد “يوم من هذا الزمان” عام 2003 وهو أول لقاء فني يجمعها بابنتها حنان كرم مطاوع.. كما قاطعت التلفزيون منذ “لا أحد ينام في الإسكندرية” الذى قدمته منذ ثلاثة أعوام.. إلا أنها لم تحتمل القطيعة مع الشاشة الفضية وها هي تعود إليها هذا العام وفي رمضان مع “وحوش أليفة”.. القطيعة عن هذه المقاطعة سألنا الفنانة السيدة سهير المرشدى المعروفة في الأوساط الفنية المصرية ب “الفنانة المثقفة”، فقالت: عندما يصل الفنان إلى درجة من المعرفة والنضج والإلتزام تكون مسؤوليته كبيرة.. وعندما يكون الفنان صاحب موقف لابد أن يكون صاحب القرار فى عمله.. وعندما يتكئ الفنان على تاريخ يصعب عليه الاختيار.. ولأجل كل ذلك أنا منزعجة مما يحدث في الساحة الفنية. * ماذا حدث؟. - إنه اختلاف الثقافة.. كل مجتمع يفرغ ثقافته في فئة.. هل المجتمع الحالي الذى أبدع فيلم “عوة الابن الضال”.. وبصراحة أنا لا أملك إلا أن أكون “إيزيس”، أي المرأة التي تمتلك القدرة على التغيير، ولن يتسنى لها ذلك إلا أن تكون صاحبة رأي ومناضلة قوية تقف أمام الأعاصير بحب وأنوثة وبعاطفة الأم الوالية المثقفة التي تشبه الوطن فى دفئها.. أما عن الفن الحقيقي فهو الذى يدخل في صلب الحياة، والفنان الحقيقي هو صاحب القضية الذي يستطيع أن يحفر موقفه في ذاكرة التاريخ. تراجع شمل * أنتِ تتحدثين في السياسة وتتكلمين عن التغيير؟. - دعونا نتفق على أن المنبر الفني خطير.. والإعلامى أكثر خطورة.. وخطورتهما تكمن في قوة تأثير كل منهما على الآخر.. ثم أننا فى بلاد تسودها الفُرقة، وهناك عدو متربّص بنا يريد أن يمزقنا أشلاءً.. كل هذا يزيد من أهمية الفن، خصوصاً وأننا نعيش تراجعاً فى كثير من المجالات وليس الفن فقط، لكن الخطير أننا نمرّ بأزمة فنية في مصر والوطن العربي ولابد من معرفة منابعها. مدفعية ثقيلة * إذا كان تشخيص أزمتنا واضحاً لديكِ.. فأين دوركِ؟ ولماذا لا تستعينين بعمل فني عربي يساهم ويساعد في علاجها؟. - الناس تشاهد في نشرات الأخبار، وعبر الأقمار الصناعية، الحقيقة كاملة، في انتهاك فعلي يتعرّض له العرب في فلسطين والعراق، وقنابل حية وانتهاك للكرامة، مما يصعّب من دور الفن، فعندما تأتي محاولة صناعة عمل فني يناقش مثل هذه القضايا، فيجب أن يكون فناً بمثابة مدفعية ثقيلة، قوامها العلم والمعرفة والثقافة وابداء الرأي، وأنا كفنانة وممثلة أريد مجموعة تؤمن بهذه القضية، ولها نبت ثقافي حقيقي، حتى نتمكن من الخروج بعمل فني، صادق له رسالة حقيقية، والقدس من أخطر القضايا العربية لما تحمله “أم المدائن” من أهمية خاصة لكن من يكتب، وأنا كممثلة أُعتبر ترس فى آلة وليست مؤسسة، ولا أستطيع فعل شىء بمفردي، لكننى لا ألوم احداً، وإن كانت توجد مؤسسات مهمومة بهذه القضية، خصوصاً وأن الجيل الحالي ليس لديه عنهما سوى لقطات مشوشة، مصدرها الآخر، ولذلك أرى ضرورة توحّد الفنان مع السياسي حتى نتمكن من فعل شىء. * وماذا عن “الوحوش الأليفة”.. ودوركِ الذى أنهى قطيعتكِ مع الدراما التلفزيونية؟. - نعم لم يكن أمامي سوى أن أقبل، ودوري فيه دور أم صعيدية تجد نفسها فى مواجهة الثأر الذي يستهدف أحد ابنائها.. وبصراحة، لقد وجدت عملاً ومخرجاً وفريقاً قادر على إقناعي بأن هناك شىء ما يقال.. وبالفعل هذا العمل يخلص إلى أن الحقيقة لابد وأن تطل برأسها مهما طال الزمن. * ألستِ قلقة من أن المسلسل يُعرض في رمضان وزحمة موسم الدراما؟. - لا.. إطلاقاً.. والعمل الجيد يفرض نفسه حتى الآن في الزحمة، ولم يكن يهمنى أن يُعرض في موسم رمضان أو بعده، لأننى أعتقد أن المسلسل قادر على أن يكون عمل موسم بمفرده، بما يمكن أن يثيره من جدل.. وعموماً فأنا مهمومة بأمر آخر، إذ أن الخلل قد أنتقل من السينما إلى التلفزيون.. إذ شاعت الفوضى في غياب الناقد الواعي القادر على تشخيص عيوب ومزايا العمل.. كما أن روح النقد هي التي تصنع المنافسة.. والمنافسة تصنع العمل الجيد.. ونجن بشكل عام أفتقدنا الحركة النقدية وأفلام النقاد.