في الطائرة يعتريك أحيانًا شيء من الضيق وأنت معلّق بين السماء والأرض، هذا المعدن الذي يقلّك من قطر لآخر وأنت قابع في كرسيك الذي حجزت ودفعت ثمن التذكرة؛ لتقضي وقتًا قصيرًا كان أو طويلاً في إجازة بعد رحلة عناء ومسؤوليات أُلقيت على عاتقك خلال عام كامل من العمل أو الدراسة. فرصة سنحت لك أيُّها الإنسان لتُذهب عن النفس شيئًا من التعب والملل، والضيق والضجر؛ لتعمل على شحذ الهمم، وشحن البطارية من جديد، وتعبئة وقود الرحلة المقبلة، واستكمال المسيرة لدفع عجلة الحياة، وتحقيق قدر طيب مبارك من خطط التنمية، وهذا أمر مناط بكل فرد في موقعه، طالبًا كان في مقاعد الدراسة، وفي مرحلة تعليمية، أو موظفًا في أي مرفق من مرافق الدولة -صغيرًا أو كبيرًا- فالهمّة العالية مبتغانا جميعًا لمصلحة الوطن، مهما سافرنا أو ابتعدنا يأخذنا الحنين إليك يا وطن، يشدّنا ويجذبنا بقوة لترابك الطاهر المبارك، لنقول بصدق: والله ما مثلك في الدنيا بلد، في يوم الوطن نقول كل عام والوطن عامر برجاله ونسائه، وأبنائه وبناته المخلصين، يجددون الولاء والطاعة لولي الأمر. حب الوطن ليس شعارات ولا هتافات، ولا تجولاً في الشوارع والأسواق، بلا هدف، ولا وعي، ولا إدراك، وليس أغاني وأهازيج فقط. جميل ورائع أن نفرح في يوم عزنا ومجدنا، ولكن الأجمل ماذا سنقدم للوطن من أفعال؟! وماذا سنسطر في سجلات التاريخ من إنجازات ومشاريع مستقبلية، يشهد لها القاصي والداني؟! كيف نحافظ على مدّخرات الوطن ونحميها من كل سوء وكل معتدٍّ؟! كيف نجاهد أنفسنا لنتحلّى بكريم الأخلاق؟! فنحن بلا ريب محط الأنظار من كل إنسان على وجه الأرض، لأننا من بلاد مهبط الوحي، كيف نراعي حق الله في كل ما أعطانا ووهبنا من نِعَم؟! وكيف يكون شكرنا بالفعل لا بلفظ اللسان فحسب؟! الله.. الله.. في تصرفاتنا، وفي سلوكنا، وأخلاقنا، وقيمنا، ونحن نعبّر عن فرحتنا بيوم الوطن، بعيدًا عن التهور وسوء الأخلاق، وحفظ الممتلكات، وحفظ الأعراض. في يوم الوطن دام عز المملكة، ودامت رايات الفخر خفّاقة، وإلى مزيد من الأمجاد والأيام الخالدة في تاريخ الوطن. [email protected]