* ما كان بودي حقيقة أن أدخل إلى حلبة صراع ثنائي أو جماعي معياره الأساسي الشخصيانية والذاتية، فمثل هذه القضايا والحوارات والصراعات سلبية وتأثيراتها المجتمعية خطيرة. ولكني وبغير العادة لم أستطع أن أتمالك نفسي، وأنا أقرأ رد الزميل الأستاذ عبدالله أبو السمح في صحيفة «عكاظ» تحت عنوان «تجريح لا نقد». * المقال لم يكن سوى دفاع مستميت عن هيئة الاستثمار، ورد على ما ذكره الزميل الأستاذ داوود الشريان في إحدى مقالاته عن هيئة الاستثمار. إلاَّ أن الأستاذ أبو السمح كال في مقاله أوصافاً وتهماً لمنتقدي الهيئة من مثل «المتحاملين، الشخصانية، الغرضانية، المهاجمين، دون تردد» إلى آخر المصطلحات التي أصبحت سمة لكتابات أبو السمح حين اختلافه مع الآخرين. * من حق الزميل أبو السمح أن يدافع بكل أسلحته وإمكانياته وقدراته المعرفية والكتابية والعلائقية عن هيئة الاستثمار، فهذا حق تكفله العقليات المؤمنة بحرية الفكر، ولكن ما يثير استغرابي وتعجبي في ذات الوقت هو هذا الدفاع المستميت عن الهيئة بتقزيم مخالفيها ومنتقديها، والذي وضح بجلاء في عنوان المقال عندما وصف الأستاذ أبو السمح نقد الهيئة «التجريح» إضافة إلى وصفه المنتقدين بالمتحاملين والغرضانيين والشخصانيين. * من فترة والزميل أبو السمح وبعض الإخوة الأحبة يحملون رايات الدفاع عن هيئة الاستثمار في منتديات مجتمعية هنا وهناك، ويتواصون بالكتابة التمجيدية لإنجازات الهيئة ومشاريعها التي ستنقل المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة، كما في نص مقال الأستاذ أبو السمح بقوله: «لأن تشجيع وزيادة جلب الاستثمار الأجنبي فيه مصلحة للوطن ونقل للخبرات، وإيجاد فرص عمل حقيقي لشبابنا». * بكل هدوء ورغبة حقيقية وصادقة في إنزال هذه الكلمات على ارض الواقع أتمنى على الأستاذ أبو السمح إيراد أرقام وحقائق واقعية مطبقة فعلياً لما تم من زيادة وتشجيع الاستثمار الأجنبي، وفي أي المجالات؟ ثم الخبرات التي تم فعلاً نقلها إلى البيئة السعودية؟ وعدد فرص العمل التي توفرت واقعاً وحقيقة للشباب السعودي؟ خلال عمر الهيئة الماضي؟ * قد يحيلني الزميل أبو السمح إلى بيان الهيئة، ورغم احترامي للبيان إلاَّ أننا تعوّدنا كمجتمع وككتّاب الردود المعلبة والجاهزة التي تطبعها إدارات العلاقات العامة والإعلام في جهات خدمية كبرى، والمليئة بالمنجزات والأرقام والمشاريع الخرافية حجماً وقيمة، والواقع يقول بغير ذلك. وحتى لا يظن الأستاذ أبو السمح أني أتقصد الهيئة، أو أشخصن ردي فأقول إن هكذا ردود ملأت أدراجنا من أمانة محافظة جدة، والخطوط الجوية السعودية، ومع ذلك لي وللقراء عليه حق أن يوضح ما ذكره وبالأرقام والشواهد الحياتية الملموسة واقعاً أرضاً وفعلاً. * مصلحة الوطن كما أعرفها وكما أؤمن بها هي في الإخلاص له في القول، والصدق معه في الأداء، والنزاهة في المسؤولية، والبُعد عن المناطقية الضيّقة، والتجرّد من الحمية المصلحية، وتقديم المصلحة العامة على الخاصة حتى وإن كانتا لمن هم من غير الدائرة الخاصة. ومصلحة الوطن هي قبل أي شيء اعتباره وحدة واحدة من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، لا فرق بين أبنائه حتى وإن تنوعت سحناتهم ولهجاتهم. فاكس: 6178388 - جدة[email protected] !!Article.footers.image-caption!!