الشمس كوكب ناري، وهي مصدر الدفء والضياء على الأرض، وهي آية من آيات الله العظمى. فسبحان مَن خلقها وسخّرها، فلا تجد اثنين من البشر اختلفا في الشمس، فظن أحدهما مثلاً أنها شجرة أو بقرة! فآيات الله الكونية البحار والجبال والأشجار، اتفق البشر عليها مع تنوعهم وتعدد أديانهم وثقافاتهم وفروقات العقل والذهن والذكاء، ومن عدل الله وحكمته ورحمته وبسطه تكافؤ الفرص للجميع، لابد أن يكون دينه ورسالته للبشر سهلاً وواضحًا وبيّنًا وممكن التطبيق، في كل اختلاف ظروف وأحوال البشر عبر التاريخ المستمر للحياة، وعلى مر العصور والدهور والتاريخ، والله سبحانه وتعالى جعل قوانين الكون متاحة للجميع، فالكل يشاهد الشمس والجبال والرمال، لكن قوانين أو فقه الأديان صارت مثار خلاف واختلاف وتناطح وتقاطع بين الناس، بل وصل الامر للاقتتال بين اتباع الاديان كل يقول (ديني هو الصحيح، وهو المحجة البيضاء، وهو المنقذ من الضلال، وهو طريق السعادة في الحياتين الاولى والاخرى، وكل اصحاب دين لديهم كتاب مقدس يقولون إنه من عند الله، وهو كلام الله، وإن اختلفت التسميات والأوصاف، فمنها الاسفار والآيات والوصايا والاناشيد والمزامير، فالتوراة والانجيل والزبر والسوترا الماهايانا، وهو الكتاب المقدس عند البوذية والكيتا، كتاب الهندوس المقدس، فكل الاديان الكلامية والكتابية حجتها الوحيدة والقاطعة في صحة كتابها المقدس هو الكلام المسطور بين دفتيه، لهذا لم يختلف البشر في آيات الله المنظورة الكونية، واختلفوا وتشعبوا في كلام الله المسطور في الكتب المقدسة، فما هي الأديان السماوية، وما يسمى بالأديان الأرضية أو الوضعية؟ وهل بالفعل ليست هناك أديان سماوية في العالم سوى اليهودية والمسيحية والإسلام؟ وهل الشرائع السماوية لم ينزلها الله سوى لمنطقة الشرق الأوسط فقط، فعدد الاديان في الهند وحدها اكثر من 1743 دينًا، كلها تدّعي أنها الحق المبين، وكل أديان الأرض لديها رسلها وأنبياؤها، وقيامتها وموتها وبعثها وحسابها، فجنتها للمؤمن بها، ونارها للكافر بها، ونعيمها للطائعين وشقاؤها للعاصين، وكل اصحاب دين يكفرون اتباع الديانات الاخرى، فكل الأديان سواء ما تسمى بالبشرية أو ما تسمّى بالسماوية، حملت بين طيات نصوصها إجابات شبه واحدة على أسئلة الموت والفناء وبدء الخلق والنشور والبعث، مهما اختلفت تصورات هذه الديانات للحقيقة الإلهية، إلاّ أنها اجتمعت على إجابة واحدة تلخصت في أن هناك قوة قاهرة هي التي أوجدت هذا الكون وأوجدتنا فيه لاختبارنا ومهما نعمل من خير أو شر سنجازى عليه بعد الموت، وغالب الاديان يأتي دليل صحتها ويقينها من داخل نصوصها، وليس المهم الاختلاف في الدنيا بين اهل الاديان، فقد يكون رحمة ونعمة، ولكي تتنوع حياة البشر وتتحقق سنة وقانون التدافع حتى تعمر الحياة ،كما قرر القرآن الكريم ذلك (وَلَوْ شَآءَ رَبّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاّ مَن رّحِمَ رَبّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ لأمْلأنّ جَهَنّمَ مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ) يخبر تعالى أنه قادر على جعل الناس كلهم أمة واحدة من إيمان أو كفر كما قال تعالى: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعًا} وقوله: {ولا يزالون مختلفين إلاّ من رحم ربك} أي ولا يزال الاختلاف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم، قال عكرمة: مختلفين في الهدى، وكما جاء في تفسير بن كثير قوله تعالى {إلا من رحم ربك} أي إلا المرحومين من أتباع الرسل الذين تمسكوا بما أمروا به من الدين، أخبرتهم به رسل الله إليهم ولم يزل ذلك دأبهم. لكن في يوم القيامة، يوم الفصل والحساب، ليس هناك فرصة ثانية، ولا توبة، ولا تراجع، ولا دور ثان، ولا الاستعانة بصديق، ولا مهلة اخرى، هناك حيث يقول الإنسان (قال ربي ارجعون، لعلي أعمل صالحًا فيما تركت) وقال تعالى: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ) فاليقين أنه لا توجد فرصة أخرى لأتباع الديانات للتصحيح والتوبة والانتقال للإيمان بالدين الحق الصحيح، والخطورة أن أصحاب الديانات لا يقدمون دليلاً عمليًّا وعلميًّا ومحسوسًا من خارج نصوصهم، على صحة دينهم، فكل دين لديه مقدسات مكانية وزمانية، ومياه مقدسة، تشاهد بالعين، وتلمس باليد، وتقصد للزيارة والتبرك والتطهر، في الصوامع والبيع والكنائس والمعابد، وغيرها كما قال تعالى: (... وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ الله مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) فيوم القيامة هل تكون كل هذه الاديان صحيحة، أم أن دينًا واحدًا سيكون اتباعه من الفائزين، والاكثر من هذا أن كل دين تفرق اتباعه لأكثر من سبعين فرقة ومذهبًا، كلها تثبت بالكلام المنطوق، انها الفرقة الوحيدة الناجية، وكل مذهب افترق إلى عدد غير يسير، إن تكلفة اختلاف الاديان والمذاهب والطوائف في الدنيا يسير، لكن نتيجة الاختلاف في الآخرة، إمّا جنة أبدية، أو عذاب مهين، فالخسارة في الآخرة لا تعوض، فكيف يثق اصحاب بعض الاديان، انهم على الحق المبين، وربما هذا التشابه الكبير بين الاديان، يكون سببًا في الشفاء من العصاب الديني، والحماس المفرط في التدين، واستسهال تكفير الآخرين. [email protected]