قال الضَمِير المُتَكَلّم: مرة أخرى كل عام وأنت العِيد، وأهلاً بكم اليوم إلى حكاية ظريفة حكيمة تناسب أجواء العِيد التي لا تحتمل النّقد، أو الشجب والتنديد: كان ياما كان في سالف العصر والأوان، كان هناك أحد السلاطين يعاني من مرض الخوف من المرض والهرم؛ ولذا قَرّر أن يقتل في دولته كل رجل يبلغ من العمر الستين. مضت الأيام والسنون والمجتمع يعاني، ولكنه مغلوب ومسكين!! وذات حِيْن عَزم أحد الشباب على أن يحمي والده ففرّ به إلى الجبال، وأسكنه إحدى المغارات، علم السلطان، وحكم عليه بأقسى العقوبات، أحضره، وأراد أن يقتله، ولكن بعد دموع الشاب، وسَيْلٍ من التوسلات، أعطى السلطان ذلك الشاب الفرصة لكي ينقذ نفسه، ويحمي والده من الموت؛ بشرط أن يتجاوز خلال أيام الاختبار، وذلك بأن يحضر الكنز الذي يراه بعينيه في قاع أحد الأنهار!! حاول الشاب القوي صباح مساء أن يصل للكنز الذي يراه في النهر، ولكن كل محاولاته باءت بالفشل، وكان نهايتها الحزن والقهر. فالكنز يراه في النهر بعينيه، يسبح، ثم يغوص، ولكن لا يصل إليه!! وذات ليلة ذهب لوالده في مغارته، وحدثه بأمره طالبًا مشورته، فسأله الشَايب الخبير: هل حول المكان يا بُني أشجار؟ قال الشاب: نعم. فقال الوالد: إذن فالكنز معلق فيها، اذهب ولا تَحْتَر!! رجع الشاب للمكان دون إبطاء، وفِعْلاً وجد الكنز معلّقًا في الشجرة الخضراء، وتنعكس صورته في الماء!! انطلق للسلطان فرحًا حاملاً الكنز، وفي مجلسه تعالت الأصوات، ودار الغمز واللمز!! أيُّها الشاب مَن أخبرك بالسّرّ؟ فقال: إنه والدي، وبه افْتَخِرْ، وهنا أدرك السلطان أن كبار السنّ يحملون الحكمة والخبرة والتجارب، وبعدها ألغى قانونه الجائر، فمن يومها لم يقتل أي شَايب!! ليقول الواقع بعدها: أيُّها الأبناء كونوا بَررة بالأمهات والآباء، وأفيدوا من تجاربهم فهم أهل الدراية والعَطاء، ويا أنتم أيُّها المسؤولون أكرموا المتقاعدين، واستشيروهم، فلديهم خبرة السنين. ألقاكم بخير والضمائر متكلّمة. [email protected]