بالإشارة “للعيد السعيد” يسعدني أن أعايدكم أيُّها القرّاء الأعزّاء جميعًا: فكل عام والوطن وقيادته وأبناؤه بألف خير وعافية، وكل الأمة الإسلامية من البحر إلى النهر، وختم الله أعمالنا بالخير بحول منه وقدرته، وأعاد الله رمضان المبارك على الأمة الإسلامية وهي في عز وقوة وشموخ، وأعاد الله بيت المقدس، وكل أرض عربية مسلمة لنا، اللهم أجب الدعاء يا كريم، ويا مجيب الدعاء. ولكن هناك بين ظهرانينا آلاف ممّن لا يعرفون “للعيد طعمًا” أو لونًا أو رائحة، والاسباب كثيرة جدًا. فمنهم المرضى والمعاقون والمصابون بأمراض عقلية، وكبار السن، وأخيرًا “الفقراء والمدينون” الذين يتهربون من العيد خوفًا “من مصاريفه الجائرة”، التي لا يقدرون عليها، ولا يملكون “هللة” لإدخال الفرح على “نفوس أطفالهم” وأسرهم وصلة أرحامهم، وشراء أبسط احتياجاتهم. “هؤلاء المحتاجون” مصابون ب“فوبيا” العيد وقدومه؛ لأنه “يشكّل لهم” عبئًا نفسيًّا ويضغطهم فينهارون تحت ثقله الذي يكون مضاعفًا فوق “ثقل” (قلة ذات اليد) والديون والفقر وأمور أخرى “لا يستطيعون” التغلب عليها، ولو لثلاثة أيام في السنة، وكيف لهم بهذا وهم يرون بجوارهم “الميسور البخيل”، والغني المتعجرف، والمسؤول المتشدد خاصة والعيد “يأتي” في نهاية الشهر، فهذا وقت “استلام الراتب” وهناك عشرات الصناديق “تنتظر” الامتلاء، حيث كل جهة تأخذ حقها، فشركة الكهرباء “تهدده بسحب التيار”، والهاتف ينذره ب“السكتة المفاجئة”، ووايت البيارة ينذره بعيد ممزوج برائحة الصرف، وسائق الوايت يرفض الحضور لمنزله إلاّ إذا كانت دراهمه جاهزة، ناهيك عن “البنوك” وقروضها الربوية.. وشركات التقسيط التي لن ترحم. فماذا يتبقى لهذا المسكين من الراتب ليشتري لأبنائه وزوجته ملابس العيد، ويصل والديه ويشتري لهما العلاج، ويزور ذا القربى والأرحام ويستقبلهم في داره أيضًا. من أين لهؤلاء “المصابين” بفوبيا العيد أن “يلتزموا” بالوفاء لكل هذه الجهات، ولن ننسى “حلاوة وقهوة العيد” وغيرها من طلبات صغيرة، أقلها حلاقة رؤوس الأولاد، وشراء “بَُكَل وشرائط شعر للبنات” إنها أمور صغيرة.. سيقول قائل: ما هذه السوداوية؟ وما هذا التشاؤم؟ ألا ترى هذه الكاتبة إلاّ أن نصف الكوب الفارغ؟ وجوابي أيُّها الإخوة جاهز وواقعي، فأنا أرى كل “الأكواب” صغيرها وكبيرها، نصفها وكلها، ولكنني أرى من مملئ كوبه عسلاً، وآخر “يعتصر البصل”، كما أنني “أنتمي” لأصحاب “الكوب الفارغ جدًّا”، هؤلاء هم الذين يعنيني أمرهم، والذين أشعر بهم، وأتحسس ظروفهم. هؤلاء هم الضحايا والمرضى الذين يعانون من كل الأمراض دفعة واحدة في مثل هذا اليوم، هؤلاء الذين لا يشعر بهم أحد إنهم “المتعففون” الذين لا يهدرون مياه وجوههم، اللهم أعنهم، واسترهم، وعوّض عليهم، واجعلهم يتجاوزون هذه المناسبة المباركة وهم في “رحمة وستر وعافية” من الله عز وجل، وأن لا يتعرضوا للجلطات المفاجئة الناتجة عن الضغوط المضاعفة التي تأتي من الأسرة بقصد أو بدون قصد، وهو الأرجح. خاتمة: عيد بأي حال عدت يا عيد؟!