كابول - (رويترز) في مركز للاطفال المشردين في افغانستان تتقدم فتيات خجولات لتعريف السفير الامريكي الزائر بواجباتهن كمسلمات في شهر الصيام. وتنظر مدرسات باعتزاز للفتيات الافغانيات اللائي تركن في فترة سابقة تحت رحمة الشارع. غير ان الحقيقة المقلقة في البلد الذي يمزقه الحرب هي عدم وجود شبكة لحماية ما لا يقل عن 600 ألف من اطفال الشوارع. وتقاتل قوات غربية متمردين إسلاميين في افغانستان لمساعدة الحكومة الافغانية الموالية للغرب على البقاء في السلطة. ويقول خبراء إن مشكلة أطفال الشوارع تتفاقم بسبب اشتداد الحرب والفساد رغم تدفق أكثر من 35 مليار دولار على البلاد من مانحين اجانب منذ الاطاحة بحكومة طالبان عام 2001 . وتحيق مخاطر جمة بالاطفال ويقول الخبراء انها تتفاوت من المخدرات إلى حركة التمرد والعصابات الاجرامية إلى التحرش الجنسي. وتقول شفيقة زاهر التي تعمل مع مؤسسة اشيانا (العش) التي تحصل على مساعدات امريكية لممارسة انشطتها "الفقر يتزايد في افغانستان ويضطر الاطفال للبحث عن عمل." وتجوب زاهر شوارع العاصمة الافغانية كابول بانتظام وتتردد على الاماكن التي يتواجد فيها أطفال الشوارع وتقترب منهم لمعرفة ما إذا كانت لديهم الرغبة في التعلم. وقالت :"نأخذ الاطفال ليروا ما نفعله وإذا وافقوا نذهب لاسرهم ونتحدث إليها." ويدرس نحو سبعة الاف طفل في مدارس اشيانا في المدن الرئيسية في افغانستان التي توفر لهم الغذاء والادوات المكتبية وتختار بعض الاسر لكفالتهم. وذكرت زاهر ان معظمهم لديهم بيوت يعودون اليها حتى وان كانت مبان تضررت جراء الحروب التي لا تنتهي في البلاد وفي اغلب الاحوال يكون الاوصياء عليهم معاقين وغير قادرين على العمل. وخلصت دراسة لمفوضية حقوق الانسان المستقلة في افغانستان في عام 2008 إلى ان نحو 60 ألف قاصر يعملون في كابول وحدها. ويقول نادر نادري المسؤول البارز في المفوضية ان ذلك احد نتائج عقود من الحروب في أفغانستان. وقال "خلال السنوات الثلاث او الاربع الماضية تدفقت اعداد متزايدة ممن شردتهم الحرب في المناطق المتضررة مثل هلمند وقندهار وغزنة على مدينة كابول بحثا عن مأوى." ويقيم نازحون من سانجين في هلمند حيث قادت القوات الامريكية هجوما ضد متشددين العام الماضي في منطقة فقيرة من كابول تحت مظلات من البلاستيك ويعتمدون على مساعدة مؤسسة اشيانا. وعلى مدار ثلاثة عقود من الحرب تضاعف تعداد السكان إلى أكثر من 30 مليونا وارتفع عدد سكان العاصمة إلى اربعة ملايين. وقال نادري: "تاريخيا لم تواجه كابولوأفغانستان قط تلك الازمة حين لا يجد المواطنون سقفا يعيشون تحته. جميعهم فقراء لكن كان لديهم منزل على الاقل." وذكر ان الفساد الذي يثير خلافا سياسيا بين الرئيس الافغاني حامد كرزاي وواشنطن وهو قضية رئيسية في الانتخابات البرلمانية التي تجري في الشهر الحالي يؤدي لتفاقم الوضع. وذكر تقرير للامم المتحدة في مارس اذار ان الفساد المتغلغل يترك الفقراء تحت رحمة الاقوياء فيما تتجاهل المشكلة القوات الاجنبية التي تركز على قضايا الامن. وقال نادري: "ثمة صلة مباشرة دوما بين الفقر والفساد. ومعظم مشروعات التنمية توقفت او لا تصل للمناطق التي تؤثر على حياة الفقراء بسبب ما يشوبها من فساد." واستيقظ الافغان على واقع مرير لحجم المشاكل الاجتماعية في البلاد من خلال برنامج تلفزيوني جريء باسم اوميد (الامل) تبثه محطة تلفزيون (سابا) منذ عامين. وخلال متابعة عشرات الحالات في جميع انحاء البلاد وجدت المنتجة والباحثة زينب رحيمي اطفالا يدمن اهلهم الافيون وأطفالا جندوا للمحاربة في صفوف طالبان وتكرارا مفزعا لحالات التحرش الجنسي. وتطرقت لحالة طفل عمره 13 عاما يعمل في تنظيف أحد المكاتب مرتين اسبوعيا ويتحرش به رئيسه في العمل. وقالت رحيمي "اكتشفنا ذلك لانه بدأ يرسم لوحات تلمح لشيء ما. كان يبكي وهو يروي لي حكايته. ولكن من النادر عرض موضوعات التحرش الجنسي على شاشة التلفزيون. قد نتابع عشر حالات ولكن لا يمكننا ان نصوّر سوى حالة واحدة." وأضافت ان الحرمان والتحرش يدفع بعض المراهقين للانضمام للمتمردين. وقالت "الأسوأ الاطفال الذين ترغمهم طالبان على الانضمام اليها مقابل مبلغ من المال. تترواح اعمارهم بين 7 و18 عاما ويحملون السلاح ويتدربون بانتظام."