عندما تعرّض مواطن سعودي للضرب على يد رجال أمن في البحرين ثارت ثائرة الصحافة السعودية، وحُق لها. وربما ثارت أيضًا ثائرة السلطات السعودية في السر دون العلن، وحُق لها. والأصل عند ذوي النخوة والمروءة جميعًا أن يثوروا لتعرّض أي إنسان لاعتداء بغير وجه حق، سواء كان منتسبًا لهذه الجنسية أو تلك. وقبل أيام قليلة أشار عدد من وكالات الأنباء الأجنبية إلى خبر الخادمة السيرلانكية التي عادت إلى بلادها، وآلام شديدة مبرحة تقض مضاجعها، وتحيل حياتها إلى نكد وضنك، بل هي عاشت كابوسًا من التعذيب لا يُطاق، إذ صرّحت لسلطات بلادها بأن كفيلها السعودي قام بغرس 24 مسمارًا في جسدها بالتعاون مع زوجته التي كانت تسخن المسامير ليسهل غرزها في مواضع متفرقة من جسد الضحية المغلوبة على أمرها. وذكر الطبيب السيرلانكي الذي تولّى إخراج المسامير بأنها بدأت تستعيد شيئًا من قواها، لكن تبقّى مسماران في ركبتيها، وآخران في الكعبين، وإبرة في جبينها. المسامير تراوحت في الطول بين بوصة، وبوصتين. وذكرت الخادمة بأنها كانت تعمل من الفجر إلى وقت متأخر في الليل، فإذا نامت من شدة التعب تعرّضت للضرب، والتعذيب، وزرع المسامير.. الخادمة إرياواثي تبلغ من العمر 50 عامًا، ودُفع لها راتب شهرين، في حين حُرمت من رواتب 3 أشهر أخرى بدعوى أنها قيمة تذكرة إعادتها إلى بلادها. تلكم هي رواية الخادمة، والسلطات الرسمية في سيرلانكا طبقًا لما نشرته فضائية بي بي سي. وحتى صحيفتا الحياة وعرب نيوز. لن أسارع فأعلن صحة الخبر، لكني أقول لا بد أن في الأمر شيئًا، وأن حوادث مماثلة وصلت حد الحرق، والسجن، والقتل تضعنا في موضع المدافع دائمًا للأسف الشديد. قد تكون هذه حالات شاذّة ونادرة، لكن في المقابل تلكم ما عُلم، إذ كم في الدور من نفوس صابرة، وضحايا صامتة، ليس على مستوى الخدم، بل حتى على مستوى أفراد الأسرة نفسها، خاصة الإناث والأطفال. الجريمة فظيعة، لكن سكوتنا عليها في المملكة أفظع. وتشويه الصورة الذي أصابنا شنيع، لكن عدم تحرّكنا أشنع.