القصيبي النادر حاولت أن أشارك الوطن حزنه على الدكتور القصيبي بنثر كلمات رثاء على رجل من أبناء الوطن الأفذاذ في هذه الزاوية الصغيرة، ولا يخالجني أدنى شك أن كلَّ مَن حمل القلم من أبناء المملكة العربية السعودية، ومَن تعامل مع القصيبي من خارج الوطن مباشرة، أو من خلال إنتاجه الفكري تمنّى أن يرثي صاحب الهامة والقامة فقيد الوطن، المثقف الفذ، والشاعر المبدع، والسياسي المحنك، والإداري المتميّز الذي أشغل الساحة السياسية والثقافية بمناظراته وأطروحاته، وأبدع في إدارة الوزارات التي أُوكلت إليه. فقد جادت أقلام وطنية، ومن خارج الوطن بذكر مناقب الفقيد بما هو أهل له. فقد أحسن الأستاذ سليمان العيدي عندما عنون مقاله عن القصيبي المنشور بجريدة “المدينة” بتاريخ 15 الجاري ب(رحيل فارس الوزارات)، وهو جدير بهذا اللقب، فهو فارس لكل مهمة أُسندت إليه، سواء داخل المملكة أو خارجها، فكلُّ مَن رثى القصيبي يستنطق كل حروف الرثاء الصادقة التي عبّر بها، وتشبعت بالألم والحسرة على فراق القصيبي حتّى الذين خاصموه بالأمس رثوه اليوم بحروف ساخنة، تفوح حسرة على فقدان رجل المواقف الشجاعة، والقرارات الوطنية الصارمة. وقد استوقفني عنوان مقال لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينةالمنورة، الذي نُشر بجريدة “عكاظ” وتصدّر ملحق الأربعاء الصادر يوم 15/9/1431ه (غازي القصيبي الذي أحبّه الناس)، وذكر سموه مواقف عديدة، وسمات كثيرة تميّز بها القصيبي الإنسان، والقصيبي المسؤول يندر توفرها بغيره، فمحبة الناس بضاعة غالية، كل إنسان ينشدها، ولكن يصعب تحقيقها إلاّ عند الكبار الذين اتّسموا بالتواضع، ولطف المشاعر، وصفاء العطاء، وعفة اللسان، ونظافة اليد، والتجاوز عن الصغائر، واستشعار المسؤولية الوطنية، والعمل على تحقيقها بكل موضوعية. كل هذه المميّزات توفرت بأبي يارا، علاوة على تفرّده الثقافي، وبروزه السياسي، وعطائه الوطني الكبير. فلا شك أن الوطن فَقَدَ شخصية قلّ ما تجود الولّادات بمثلها، فكل ما قِيل عن القصيبي بعد رحيله حقائق ممزوجة بمشاعر وطنية صادقة عن رجل له تأثيره الكبير في مسيرة الوطن التنموية. فرحمه الله رحمة واسعة.. “إنا لله وإنا إليه راجعون”. وقفة: أحسنت هيئة تحرير ملحق الأربعاء الذي يصدر عن جريدة “المدينة” بتخصيص عددي الأربعاء الصادرين 8 و15/9/1431ه لتوثيق مسيرة حياة وأدب فقيد الوطن الدكتور غازي القصيبي، فهو جدير بذاكرة الأجيال تحفظه من خلال إرثه الثقافي، ومسيرته العملية.