أشعر بالغبن كلما أتامل ما يطرح عن بلادي ومجتمعي في الآونة الأخيرة إذ شاع التركيز على السلبيات بكثرة ملفتة في معظم ما يطرح من تقارير ودراما وكوميديا ورسائل إعلامية، بل واقتناصها وتقديمها على الإيجابيات في كل مكان مهما صغرت أو كبرت، والأكثر إيلامًا أنها بأيدي أبنائنا من مراسلين ومعدي برامج وغيرهم. نعم لسنا مجتمع ملائكة، بل بشر نخطئ ونصيب ولدينا كل ما لدى الآخرين من الأخطاء والزلات والأهواء وكل مايعتري أي مجتمع بشري تتجاور فيه الثمار والأشواك وهذا أمر بديهي لا يقرره أحد ولا يزعم عكسه، لكن لم كل ذلك التركيز على السلبيات؟؟ أنحن فقط من لدينا عنوسة وطلاق وامرأة قد تضرب رجلًا أو عنف عائلي أو جرائم أو هروب فتيات أو غيره من أنماط الضعف البشري ونتائج الاحتكاك الإنساني مع التغيرات الكبرى؟ لماذا تشحن النواجذ لطرح كل ذلك الغثاء السلبي بهذه الكثافة الإعلامية الملاحظة مؤخرًا؟ حاولت أن أجد تفسيرًا منطقيًا لذلك التوجه ولم أجد إلا تشوشًا غير واضح المعالم تري أيمكن أن نعتبر استجابة موجهة بدهاء إعلامي شديد لاكتشاف مجتمع طالما كان مغلقًا؟ أم أنه تواتر ساذج للسوق الإعلامي الباحث عن الإثارة دائمًا بصرف النظر عما تحمله من رسائل تعزز الصورة الذهنية السلبية أو الإيجابية لأن نتائجها مهما كانت لا تعني إلا أصحابها أما الآلة الإعلانية فيعنيها الربح وأشياء أخرى. وهذا ما حدث بشكل تدريجي وبتراكم وفكري غير محسوب عند الكثيرين مما عزز ونشر كثيرًا من الصور الذهنية السالبة عن مجتمعنا لدى الآخرين. وأتساءل ألا يوجد في مجتمعنا أحداث ومؤسسات وشخصيات حرية بأن نقدمها وننوه بجهودها ونستعرض مواهبها وأفكارها؟ أليس لدينا الكثير من العلماء والعالمات الذين بهروا العالم بإنجازاتهم في الكثير من المجالات؟ أليس لدينا المبتكرون والمخترعون والأفكار الخلاقة من الشباب والشابات التي تطرحها لقاءاتهم؟ أليس لدينا عشرات المبدعين والمفكرين والمواهب الفذة لنستعرض إنتاجهم وننشره؟ أليس لدينا مؤسسات وأعمال إنسانية وتطوعية عظيمة على كل الأصعدة المحلية والعالمية حرية بأن نتحدث عنها؟ ألا نتكئ على تاريخ مادي وفكري ومعرفي وحضاري عريق يمكن أن نوثقه ونقدمه للعالم؟ أليس حريًا بنا أن نحاول معادلة الكفة وإنصاف أنفسنا من أنفسنا فيما نطرح، وعدم جلدها بسوط الواقع المزعوم بهذه الطريقة، فالواقع موجود ولا ينكر في كل مكان وزمان طالما وجد البشر. [email protected]