نعم .. هي بكل الأبعاد والأطر وثيقة تاريخية أعلنت من أجل صالح الدين والأمة . نعم هي تلك الوثيقة التي حواها الأمر السامي الكريم الذي أطل مع إطلالة هذا الشهر الكريم حينما وجه قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز « أيده الله « إلى مفتي عام المملكة رئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء رئيس هيئة كبار العلماء ، وإلى كافة الجهات التي يعنيها هذا الأمر السامي، والذي حدد فيه بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء فقط ، لقد كانت تلك الوثيقة تنظيما واقعيا ومباشرا للفتوى وقصرها على أعضاء هيئة كبار العلماء دون غيرهم حيث تمثلت في رؤية ولي الأمر لما فيه صالح الدين والأمة وضبط الفتوى ، وضمان صدورها من جهة الإختصاص التي حددتها الوثيقة . فقد طلب القائد من المفتي الرفع عمن يجد المفتي فيه الكفاية والأهلية التامة للإضطلاع بمهام الفتوى للإذن لهم بذلك ، كما إستثنى الأمر السامي الكريم الفتاوى الخاصة الفردية غير المعلنة في أمور العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية بشرط أن تكون خاصة بين السائل والمسؤول ، على أن يمنع منعا باتاً التطرق لأي موضوع يدخل في مشمول شواذ الآراء ومفردات أهل العلم المرجوحه ، وأقوالهم المهجورة ، وكل من يتجاوز ذلك الترتيب فسيعرض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع ، كائناً من كان ، فمصلحة الدين والوطن فوق كل إعتبار ، كانت تلك هي لهجة ومحتوى ومضمون تلك الوثيقة الواضحة التي تمنع كل التجاوزات التي كانت تتم تحت ستار الفتاوي الشرعية التي كانت مع الأسف الشديد تمس مناطق حساسة في تعامل الناس وتحركهم الحسي مع الشريعة ، فكانت عبارة عن فتاوى تساهم في نمو البلبلة بين المتلقين لها وأصبح كل من هب ودب يخوض فيها ، حتى ولو بالرد والشرح عبر وسائل الإعلام ، ولا شك أن إنتشار مثل هذه الأمور عكر سماحة الرؤيا السليمة التى يستحضرها ديننا الإسلامي الحنيف ، وجعلت عامة الناس يحتارون في الوصول إلى حقائق الأمور، وقد تطرق العديد من كبار العلماء والحكماء في الداخل والخارج عقب صدور تلك « الوثيقة « التي أُصر على تأكيد هذا المسمى عليها لأنها فعلاً تعتبر(وثيقة تاريخية) إنطلقت في صالح الدين والأمة . كانت تلك الآراء التي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة عباره عن بوح وردة فعل عاقلة لما سيحققه هذا التنظيم الجديد حيث سيقطع بالفعل الطريق على كل من يخالف سعة الشريعة المطهرة ومقاصدها السامية التي تترجم مصالح العباد في المعاش والمعاد .. لقد وضعت فعلاً هذه الوثيقة التي صدرت في شكل مرسوم ملكي تاريخي إلى حسم الأمور ووضعها في نصابها الصحيح .. كم هو رائع ذلك التناول القريب من كل القلوب ، الذي أوصد به كل الأبواب ، إلا باب الشريعة الواضحة المفهومة القادرة على توطين الطمأنينة في نفوس العباد ، كان ذلك التناول القريب من القلوب قد شمل توضيح الخطوة التي لم تتم جزافاً بل سبقتها حاله من المتابعة قوامها الرصد والتحديد لكل التجاوزات التى لا يمكن السكوت عليها أو السماح بها وللتأكيد فإن هذا القرار التاريخي أوجد حقيقة الثقة بحماية الدين الحنيف والحفاظ على هيبته لأنه أعز ما نملك ، وأوصد الباب أمام التجاوزات في الإجتهادات الفردية التي أحدثت الكثير من التشويش الذي وصل إلى حد التشكيك بين المسلمين .. ومن هنا جاء هذا الأمر التاريخي في الزمان والمكان المناسبين حفظاً للشريعة من الأقوال التي لا يكون لها محل للنظر بين العلماء أو إجتهاد الفقهاء ، وأيضا وضع الحد للجدل والفوضى التي تسببت بها بعض الفتاوي التي ظهرت بشكل مكثف على كافة الوسائل الإعلامية .. من أجل ذلك كان ذلك القرار ليعيد الأمور إلى نصابها الصحيح ، وأيضاً لكي تعود للفتوى الشرعية مكانتها وهيبتها وتتجه إلى مسارها الصحيح.