كانت الختمة الأولى في المسجد النبوي الشريف في تراويح رمضان، هي ختمة العامة. أمّا الختمة الثانية في تهجد العشر الأواخر، فهي ختمة الخاصة. فكان الإمام يقف فيها خلف محراب النبي صلى الله عليه وسلم في الروضة الشريفة، بانحراف قليل إلى اليمين توقيرًا لصاحب المحراب عليه الصلاة والسلام. وكانوا يقرأون في الليالي الست الأولى ثلاثة أجزاء ونصف في كل ليلة. أمّا في الليالي الثلاث المتبقية فيقرأون ثلاثة أجزاء كل ليلة. وبهذا تتم الختمة ليلة التاسع والعشرين. وكان يعين الشيخ عبدالعزيز بن صالح في صلاة التهجد ثلاثة أئمة. واحتفظ هو بالتسليمة الأخيرة من التسليمات الخمس مع الشفع والوتر. وقد أتاح الشيخ الفرصة لعدد من الأئمة الشباب وغيرهم ممّن لم نسمع عنهم قبلها. منهم: الشيخ عبدالله الزاحم (وكان الإمام الرئيس بعده ونائبه في رئاسة المحاكم)، والشيخ علي الحذيفي (الإمام الرئيس في هذه الأيام)، والشيخ إبراهيم الأخضر (شيخ القرّاء حاليًّا)، والشيخ محمد أيوب (الوحيد الذي أمّ الناس بمفرده في تراويح المسجد النبوي خلال الخمسين عامًا الأخيرة، وربما أكثر. وذلك في عام 1410ه)، والشيخ محمد عابد (إمام مسجد قباء الحالي)، والشيخ شيبة الحمد. ومن الذكريات التي لا تُنسى قراءة الشيخ إبراهيم الأخضر لسورة الحجر في إحدى تلك الليالي في مقام الحسيني، إن لم أخطئَ. وقراءة الشيخ محمد أيوب لسورة الرحمن في تراويح عام 1412ه أو 1413ه ، فأبكى جمعًا كبيرًا في الحرم الشريف. وعندما رجعنا إلى البيوت، وجدنا أن كثيرًا ممّن كانوا يتابعون الصلاة في التلفاز، قد بكوا أيضًا لشدة تأثير تلك القراءة. وفي ليلة أخرى قرأ الشيخ علي الحذيفي في التهجد، من سورة الإسراء فأجاد. فلمّا سلّمنا سألني عنه أحد إخواننا المصريين. وقال معجبًا: لقد أوتي صوتًا ملائكيًّا. وما يزال هؤلاء الثلاثة هم من أفضل المتقنين لأحكام التجويد والتلاوة. وللحديث بقية.