وجَّهت صحيفة إندبندنت البريطانية انتقادات لاذعة للحرب التي تشن ضد الإسلام والمسلمين في الولاياتالمتحدةالأمريكية، مشيرة إلى أن المضايقات التي يتعرض لها المسلمون في أمريكا تتعارض مع الدستور والقوانين، وأنها تمثل خرقًا للمبادئ والمثل التي قامت عليها الولاياتالمتحدة. وتقول الصحيفة على لسان أحد صحافيها ويدعى روبرت كورنويل المعلق المتخصص في العلاقات الدولية والسياسة الأمريكية: لو أنك نظرت بحيادية وموضوعية إلى الجدل الدائر في الولاياتالمتحدة حول مشروع بناء مسجد قرب موقع برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، ستجد أنه جدل يأخذ أكثر من حجمه، فمع أن المشروع لا يزال في طور التخطيط والتفكير، إلا أنه من يستمع للجلبة الصادرة يعتقد أن منارات المسجد وقبابه على وشك أن تشرئب من فوق ذلك المكان. ويضيف كورنويل أن من يشعلون هذه الصراعات يسيئون لسمعة بلادهم ويضرون بتركيبتها الاجتماعية، فهذه البلاد التي عرفت بأنها أكبر نموذج للتعدد الثقافي والعرقي والإثني والديني لا ينبغي أن تشهد صراعات ونزاعات على هذا النحو الذي يحدث حاليًا. ويمضي بالقول: سلطات مدينة نيويورك منحت في الأساس إذنًا بالتخطيط لبناء مركز ثقافي إسلامي يحتوي إلى جانب دار للعبادة، على ملاعب كرة سلة ومطعم ودور لحضانة الأطفال ونصب تذكاري لضحايا الحادي عشر من سبتمبر 2001م، لكن كل ذلك يتوقف على ضمان التمويل اللازم للمشروع. مما يزيد من الإحساس بأن هذه الضجة مفتعلة هو أن المبنى الذي سيتكون من 13 طابقًا يبعد مسافة مربعين تجاريين عن موقع البرجين. وفي مدينة باتساع نيويورك وتنوعها، فإن مسافة مربعين تجاريين ربما لا تقل عن عشرات الأميال. ويستطرد كورنويل مؤكدًا أن ما يجري يضر بسمعة الولاياتالمتحدة، ويعطي أعداءها المتربصين بها فرصة لحشد مزيد من الأنصار واستقطاب الدعم، ويقول: المعارضة الشديدة التي تبديها بعض الدوائر السياسية الأمريكية للمشروع تنطوي على خطر حقيقي يتمثل في أنها تعزز الانطباع بأن الولاياتالمتحدة تناصب الإسلام العداء، وهي نفس الحجة التي يروج لها أسامة بن لادن بالضبط. مثل هذه الأقوال تنطوي على خطر عظيم وتعرِّض المصالح الأمريكية للخطر وتضع أرواح الجنود الأمريكيين المنتشرين في العالم على كف عفريت. علينا أن ندرك أن هناك من يحاول إقناع الرأي العام الإسلامي أن أمريكا ترى أن الإسلام دين يجب تطويقه وتهميشه. بهذه الطريقة من التعامل سنعطي هؤلاء فرصة ذهبية للتأكيد على ما يقولون وتمكينهم من العثور على مجندين جدد. كذلك لا ينبغي أن ننسى أن من بين ضحايا انهيار البرجين في ذلك اليوم 300 مسلم. ويؤكد كورنويل انه إن كان يلتمس العذر لذوي ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إلا أنه لن يعذر السياسيين الذين يقعون ضحايا لمن يعزفون على وتر هذه الهجمات، ويقول: نعلم جميعًا أن هجمات سبتمبر كانت في غاية البشاعة، وأنها لا تزال ماثلة في وعي الجماهير، ما من أحد يطالب السياسيين الأمريكيين بتزوير الحقائق أو التقليل من وحشية الحدث وما ترتبت عليه من آثار، لكن المطلوب منهم قليل من الواقعية والنظرة للأمور بصورة تضع المصالح القومية فوق كل اعتبار.