عندما يتألق الإعلامي ثقافة ووعيا وحوارا راقياً ينم عن بحر من المعلومات وسعة اطلاع عندها يحلو لك متابعة البرامج الحوارية وأنت في حالة من الاستمتاع والرغبة في الاستزادة من كل مايقال في هذا الحوار. هذا مايستشعره كل متابع لبرنامج حواري مثقف مع طبقة مختارة من الإعلاميين البارزين في الوطن العربي عبر قناة الجزيرة في برنامج (في العمق) الذي تحدث عن واقع الدراما العربية والمستوى الذي آلت إليه الدراما من المشرق العربي إلى المغرب كان الحوار مع ثلاثة من رموز الدراما في كل من مصر وسوريا والمغرب. تحية لمذيع محاور متألق يحترم عقلية المشاهد المثقف الواعي وتحية لقناة تتحرى اختيار من يعمل فيها لأنها تعلم أن لهذه البرامج متابعين على قدر جيد من الوعي والثقافة. في عصر الفضائيات المتزايدة يوما بعد الآخر هناك الغث والسمين ويبقى التميز عنوانا واضحا كالشمس التي تجلو ظلام الليل الدامس لايمكن أن تحجب أبدا. في هذا اللقاء تم التطرق للدراما التي تتحدث عن التاريخ وتوثيق أحداث عايشتها الأمة العربية والإسلامية وقضايا مشتركة من أهمها القضية الفلسطينية في مسلسل التغريبة الفلسطينية الذي تحدث عن تفاصيل دقيقة لحياة الفلسطيني وتشرده من وطنه بعد الاحتلال الغاشم. ومالم يتم التطرق إليه في الحوار توثيق التاريخ الأندلسي في سلسلة من المسلسلات السورية التي سجلت لنا أحداثا رائعة عبر كادر من الفنانين والفنيين المحترفين والذين أحدثوا نقلة في نوعية الدراما العربية من أبرزهم المخرج حاتم علي والممثل جمال سليمان. وهاهو مسلسل القعقاع بن عمرو يعرض هذه الأيام على شاشاتنا العربية يحكي لنا أمجادا خالدة من السيرة النبوية وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم -رضي الله عنهم وأرضاهم-، أحداث قد لا تصل إلى الذاكرة ولايتصورها العقل من خلال قراءة الكتب ولكن نستوعبها من خلال المشاهد والمؤثرات الصوتية والإضاءة والحركة مع أعمال الخيال والعقل ومحاولة استيعاب كامل للأحداث وتصور حدوثها ومعايشتها بروح وعقل وان كان الجسد بعيدا لبعد الزمان والمكان. المسلسل يتضمن في ثناياه مشاهد إيمانية يقشعر لها البدن وفيها دلالات على بشارة الله لعباده المؤمنين يصاحب هذه المشاهد موسيقى تصويرية وأداء عال جدا لعمالقة الفن العربي في بلاد الشام وعلى رأسهم أداء متميز للممثل سلوم حداد. تحية طيبة مباركة لكل القائمين على أعمال درامية تعزز القيم والأخلاق وتربطنا بماضينا الجميل المشرف والذي نعتز به ونفخر كما يربطنا بواقع أمتنا وقضايانا العربية والإسلامية بعيداً عن الاسفاف والابتذال والتردي في مهاوي الرذيلة وضياع الهوية.