رعى معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، مساء أمس الأول بنادي مكة الثقافي الأدبي حفل تكريم مؤرخي وجغرافيي مكةالمكرمة، وذلك بقاعة مسرح إدارة التعليم بنين بحضور عدد كبير من العلماء والمسؤولين والمثقفين والمهتمين بالتاريخ المكّي. وكرّم وزير الثقافة والإعلام خلال الحفل مجموعة من الروّاد المؤرخين والجغرافيين، وهم: الشيخ عاتق بن غيث البلادي -رحمه الله-، والدكتور ناصر بن علي الحارثي -رحمه الله-، والأستاذ هاني بن ماجد فيروزي -رحمه الله-، ومعالي الدكتور عبدالملك بن عبدالله بن دهيش، والدكتور محمد الحبيب الهيلة، والدكتور معراج بن نواب مرزا. هم معنا بشواهد أعمالهم في بداية الحفل ألقى رئيس نادي مكةالمكرمة الثقافي الأدبي معالي الدكتور سهيل قاضي كلمة جاء فيها: “في هذه الليلة المباركة من ليالي الشهر العظيم وعلى رحاب هذه الأرض المقدسة حيث اجتمع شرف المكان وشرف الزمان تزهر اليوم في سمائنا نجوم ساطعة من الرجالات ممن قدموا أنفسهم لأمتهم ومجتمعهم خلاصة أفكارهم وأقصى جهودهم لخدمة هذا البلد الأمين فجلوا الكثير من منعطفات تاريخه العريق وسير أعلامه النبلاء وواقعه الحضاري الراهن حاديهم في ذلك ورائدهم حمل رسالة العلم والتبليغ به والنهوض بشرف الانشغال العلمي بتاريخ وجغرافية أقدس بلدان الله في الأرض مكةالمكرمة تأليفًا وتحقيقًا ودراسة ونشرًا وكان لكل منهم مجال اختصاصه الذي برع فيه وأبدع وأضاف رصيدًا إلى رصيد عن عبقرية المكان وخصوصيته المقدسة تعظيمًا لبلد الله الحرام وتكريمًا له وحتى وإن غاب بعضهم بأجسامهم رحمهم الله فهم معنا بشواهد أعمالهم وذكرى حياتهم العطرة”. وأضاف: وإننا إذ نحتفي بهم وبكم هنا وقد اجتمع لنا بحمد الله مع شرف المكان والزمان سمو المقصد فإننا نحاول أداء بعض واجب الوفاء والعرفان بالجميل تكريمًا لشخوصهم وتنويهًا بعظيم ما قدّموا من أعمال مجيدة رجاء أن تكون أمثلة ونماذج رفيعة تحتذى بها الأجيال”. مشيرًا إلى أن التكريم سوف يتواصل لنخب أخرى من هؤلاء الذين أجادوا وأخلصوا وأحسنوا في العطاء. وختم الدكتور قاضي كلمته قائلًا: “تزداد سعادتنا إذ يشاركنا هذا الاحتفاء معالي الأخ الأديب الشاعر الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام فله منا الشكر على فضل مشاركته ورعايته لهذا الحفل”. ناديكم لا يدع القلب يستقر بعد ذلك ألقى وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة كلمة انطباعية رائعة استذكر فيها الزمان والمكان مكةالمكرمة وشهر رمضان المبارك، حيث قال: “ها هو ذا ناديكم لا يدع القلب يستقر مكانه ويأبي إلا أن يثير فيه مكامن الشوق والذكرى نحو هذه المدينة العظيمة المقدسة مكةالمكرمة وأين.. في شهر رمضان المبارك.. هذا الشهر الذي صدعت فيه جبال مكة وبطاحها وشعابها بأمر ربها وتلقت فيه هذه الأرض نبأ السماء وقيل لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: اقرأ.. فامتلأ الكون هدى وتقى وخيرًا.. وها نحن في هذه الأيام والليالي المباركة تغشانا في الثلث الثاني من هذا الشهر المبارك المغفرة وندعو الله تبارك وتعالى أن يبلغنا الثلث الاخير منه وأن يجعلنا من عتقاء هذا الشهر المبارك”. وأضاف: “حين تلقيت هذه الدعوة الكريمة إلى هذا المنتدى المكي الطيب تذكرت -والذكرى تشوق وتطرب- ملامح من مآثر مكةالمكرمة وفضلها على كل من انتسب إلى هذه الأمة الإسلامية العظيمة.. واستعدت وأنا ابنها المكّي ألق كل شعب من شعابها وأخذت أجول في أزقتها وشوارعها ويشدّني الوجد إلى حاراتها العتيقة ويصعد بي الشوق إلى الأعالي إلى الذرى فأصوب وجهي تجاه منارات حرمها الآمن وإذا بي أرجع “القهقري” عقودًا من الزمان وأرى إلى جانب البيت العتيق صورة ما أحلاها من صورة وقد كنت أختلف إلى حلقات الدرس والتعليم في تلك الأورقة المباركة ونحيط وزملائي بشيوخ لنا فيكاد القلب يضطرب في مكانه ثم لا ألبث لحظة حتى أرفع الأكف إلى الله تبارك وتعالى أن يرحم ذلك النفر العظيم من علماء مكةالمكرمة فكم أعطوا وكم أنفقوا وكم ذابت مهجهم وهم يتجهون بأفئدتهم ووجهوههم نحو البيت العتيق وكم كانوا يستشعرون جلال الموقف الذي شرفهم فيه الباري عز وجل أن اختّصهم بشرف التدريس إلى جوار بيته المعظم وأن ساق إليهم تلك الوجوة الطيبة من قاصدي البيت الحرام (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم)”. وتابع وزير الثافة ولإعلام: “اعذروني إن طوفت في الآفاق يمنة ويسره فأنتم شركائي في هذا الهوى المكي وها أنا في رحاب هذه الليلة التي يكرّم فيها نادي مكةالمكرمة الأدبي كوكبة مباركة من مؤرخي مكة وجغرافييها أشعر بالهيبة وأنا في حضرتهم وليس من هيبة يتيه بها صاحبها كهيبة العلم والعلماء. والأمر في مكةالمكرمة والمدن الإسلامية العريقة مختلف جدًا ولا أخفيكم القول إنني وأنا أقرأ أسماء العلماء المكرمين حمدت الله تبارك وتعالى أن هذه البلدة الطيّبة لا تزال على قديم العهد بها محافظة على تراثها العلمي الخالد وأحسنت أن شيخ مؤرخي مكة (الأزرقي) رحمه الله يطل علينا وبيننا وبينه قرون وتعلو سيماه نظرة حانية مطمئنة أن هؤلاء الذين تكرّموا الليلة ورثتي وكأن عمدة المؤرخين المكّيين (الفاسي) يتمنى أن لو كان معنا الليلة حتى يضم لهذه الأسماء المكرّمة في (عقده الثمين).. وتمر في البال عشرات الأسماء من مؤرخي مكةالمكرمة فما بالكم لو استعرضنا سائر علمائها النابغين في العلوم الأخرى.. فثمة الفاكهي والطبريون وآل فهد والنويريون ثم أصعد رويدًا رويدًا إلى عصرها الحديث فأجد الحضراوي والدهلوي وعبدالله الغازي وحسين باسلامة وأحمد السباعي وعبدالقدوس الأنصاري ومحمد طاهر الكردي ومحمد عمر رفيع وشيخنا العالم الجليل الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان وعشرات من المؤرخين والمؤرخات الذين تزخر بهم جامعاتنا السعودية والعربية والإسلامية من الذين أرجو أن تمتد إليهم بادرة التكريم في مستقبل الأيام”. وختم الدكتور خوجة كلمته قائلًا: “أبارك لهذه الكوكبة المباركة وجغرافييها هذا التكريم المستحق في هذا الشهر الفضيل شهر رمضان شهر القرآن وأدعو الله تبارك وتعالى أن يجزي العلماء المكرّمين خير الجزاء وأن ينفع بعلمهم وأن يثيبهم.. والشكر موصول لنادي مكة الأدبي لهذا الوفاء”. ندوة وتكريم بعد ذلك بدأت الندوة المصاحبة التي أدارها الدكتور محمد مريسي الحارثي عضو نادي مكة الادبي وشارك فيها كل من الدكتور فواز الدهاس (عضو هيئة التدريس في قسم التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة أم القرى) والدكتور عدنان الشريف الحارثي (عميد شؤون المكتبات بجامعة أم القرى)، حيث تحدثا عن إنجازات وعطاءات المكرّمين الستة. وفي نهاية الندوة تم تقديم الدروع التذكارية للمكرّمين بهذه المناسبة.
بن دهيش أخرج أهم الكتب.. والبلادي ترك تراثاً ثرياً.. تحدث الدكتور عبدالعزيز خوجة عن المؤرخين والجغرافيين المكرّمين في هذا الحفل فقال معاليه: “إن المؤرخين والجغرافيين الأجلاء الذين نكرّم العلم الليلة بتكريمهم هم امتداد إبداعي للمدرسة التاريخية المكّية التي استمرت طوال القرون الماضية ولم ينقطع وهجها حتى عصرنا الحاضر، فالتاريخ المكي في أسمائه الكبيرة يدين بالفضل للعالم الجليل معالي الاخ الدكتور عبدالملك بن عبدالله بن دهيش فقد أخرج أهم الكتب التاريخية المكية قديمها وحديثها في تحقيق بارعٍ وجهد عظيم فجزاه الله خيراً ومتّعه بالصحة والعافية، وأما شيخنا الجليل العلامة الشيخ عاتق بن غيث البلادي رحمه الله فقد ترك للمكتبة تراثاً مكّياً ثرياً ولم يدع جانباً من جوانب أم القرى إلا وأشبعه درساً وبحثاً في تاريخها وجغرافيتها وآثاراها وأعلامها في موسوعة علمية ضخمة قل مثيلها رحمه الله وبارك في تراثه العملي، وأما عالم الآثار الدكتور ناصر بن علي الحارثي رحمه الله فمن يطالع الموسوعات الضخمة التي وقفها على آثار مكةالمكرمة ومعالمها وتاريخها يدرك جوانب جليلة من تاريخ هذه المدينة المباركة ويعرف الجهد المضني الشاق الذي أنفقه هذا العالِم المكي الجليل من أجل توثيق معالم مكةالمكرمة وآثارها رحمه الله وبارك في تراثه العلمي، وأما الأستاذ هاني بن ماجد فيروزي رحمه الله فقد كان بحق مؤرخاً مكياً ذا سمت مختلف فقد آثر أن يؤرّخ لتراث مكةالمكرمة الفني والاجتماعي وكانت كتبه ودراسته في هذا الباب شواهد حية على استمرار التقاليد في مكةالمكرمة وتوثيقها دقيقاً لحاضرها التاريخي رحمه الله وبارك في تراثه العلمي، وأما شيخنا العلامة الدكتور محمد الحبيب الهيلة ابن الزيتونة ومؤرّخ مكةالمكرمة وعاشق تراثها فمؤلفاته وتحقيقاته في التاريخ المكي معالم محترمه في منهج البحث والتدقيق ومثال ظاهر على صبر العلماء وقد كان كتابه العظيم “التاريخ والمؤرخون في مكةالمكرمة” نافذة لي لمعرفة المدرسة التاريخية المكّية وأنا أُعد هذه الكلمة والذي أعرفه أن عشرات من طلاب وطالبات الدراسات العليا في بلادنا يدينون لهذا العالم الجليل بالفضل العميم فجزاك الله خيراً ومتعك بالصحة وبارك فيك، وأما الدكتور معراج نواب مرزا فقد أعد إلينا تراث البلدانيين والجغرافيين في تراثنا العظيم وكانت مؤلفاته في جغرافية مكةالمكرمة علامات مهمة.. خاصةً أنه ربط الجغرافيا بالأبعاد الحضرية والاجتماعية لهذه المدينة العريقة وشد بمؤلفه الرائع “الأطلس المصور لمكةالمكرمة والمشاعر المقدسة” الذي أخرجه مع زميله الدكتور عبدالله شاوش.. شد قلوب الناس إلى ماضي مكةالمكرمة في فجر عصرها الحديث ولا يزال يرفد المكتبة المكية بمؤلفاته الجغرافيه وأبحاثه الأكاديمية بالجديد والمفدي فجزاه الله خير وبارك فيه”. وختم الدكتور خوجة كلمته قائلاً: “أبارك لهذه الكوكبة المباركة وجغرافييها هذا التكريم المستحق في هذا الشهر الفضيل شهر رمضان شهر القرآن وأدعو الله تبارك وتعالى ان يجزي العلماء المكرّمين خير الجزاء وأن ينفع بعلمهم وأن يثيبهم.. والشكر موصول لنادي مكة الأدبي لهذا الوفاء”.
مقتطفات من الحفل * وصل معالي وزير الثقافة والإعلام في تمام الساعة الحادية عشرة والربع وبدأ الحفل في تمام الساعة الحادية عشر والنصف وانتهى في تمام الساعة الواحدة والربع. * أثناء توزيع دروع وشهادات التكريم كان معالي وزير الثقافة والإعلام على منصة التكريم وقام بتوزيع الدروع على المكرّمين، وحين جاء اسم معالي الدكتور عبدالملك بن دهيش نزل الدكتور خوجة من المنصه وقام بتسليم الدرع مباشرة للشيخ بن دهيش، فكانت لفتة قوبلت بتقدير جميع الحاضرين لمعالي الوزير الذي شعر بأن ثمة ارهاقا بدا على الدكتور بن دهيش وصعب عليه صعود المنصة. * تحدث الدكتور عدنان الحارثي في الندوة مستجمعاً قواه وتحدث بكل قدرة عن المكرّمين وأثناء حديثه في الندوة عن رفيق دربه الدكتور ناصر الحارثي يرحمه الله تعطل الحوار والتحدث حيث ذرفت عينا الدكتور عدنان وتأخر قليلا عن استكمال الندوة إلا أنه استجمع قواه وأكمل بقية الندوة. * حضر الاحتفال عدد من أصحاب الفضيلة والمعالي والعلماء والمفكرين والأدباء إضافة الى العديد من المثقفين والمهتمين بتاريخ مكة وجغرافيتها كما حضر وفداً من دولة السنغال مبتعثين للدارسة في جامعة ام القرى إضافة إلى جنسيات لمعتمرين من بلدان إسلامية أخرى.