غادرت آخر فرقة من القوات القتالية الأمريكية العراق في الساعات الأولى من صباح أمس كما ذكرت وسائل إعلام أمريكية ما يمهد الطريق لتحقيق هدف الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالإبقاء على 50 ألف جندي فقط في العراق بحلول الأول من سبتمبر المقبل، ونقلت شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية عن الجيش الأمريكي أنه برحيل هذه الفرقة يتراجع عدد القوات الأمريكية في العراق إلى 56 ألف جندي، وأوضح الكابتن كريستوفر أوفراد المتحدث باسم الفرقة “سترايكر” القتالية الرابعة أن آخر جندي من الأربعة آلاف جندي الذين تضمهم الفرقة عبر إلى الكويت في ساعة مبكرة من صباح أمس، وأشار في الوقت نفسه إلى بقاء بضع مئات من أفراد الفرقة في العراق لتنفيذ بعض المهام الإدارية واللوجيستية، ومن المقرر أن يغادروا بغداد في وقت لاحق، وغادر الجزء الأكبر من قوات الفرقة العراق قبل أكثر من يوم، إلا أنه تم إرجاء الإعلان لأسباب أمنية، ويأتي رحيل هذه القوات بعد مرور سبعة أعوام على دخولها العراق، إلا أن انسحابها لا يعني نهاية العمليات العسكرية في هذا البلد. ويتعين انسحاب ستة آلاف جندي أمريكي آخرين من العراق، للوفاء بما سبق وأعلنه أوباما لإنهاء العمليات القتالية الأمريكية وبداية “عملية الفجر الجديد” التي من المتوقع أن يقتصر خلالها دور القوات الأمريكية على التدريب والمساعدة وأظهرت أحدث إحصاءات وزارة الدفاع الأمريكية أن 4419 جنديا أمريكيا قتلوا في حرب العراق. وتقع القاعدة التي تتخذها الفرقة مقرًا لها في فورت لويس بواشنطن، ومن المقرر أن تنسحب القوات الباقية بحلول نهاية العام المقبل، حيث يحول أوباما التركيز إلى الحرب في أفغانستان. وكان أوباما وعد خلال حملة الانتخابات الرئاسية بإنهاء الدور الأمريكي في العراق، حيث إنه يعارض تلك الحرب، وقال إنها تستنزف الموارد اللازمة لمحاربة طالبان والقاعدة. وكان قائد القوات الأمريكية في العراق، راي أوديرنو، قال: إن ارتفاع وتيرة العنف مؤخرا والجمود السياسي بشأن تشكيل الحكومة العراقية عقب الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مارس الماضي لن يؤجل إنهاء الدور القتالي لقواته. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، بي جيه كراولي، إنه حتى مع انتهاء المهمة القتالية، ستحتفظ الولاياتالمتحدة بالتزام بعيد المدى في العراق، حيث ستتحول المهمة من حملة عسكرية إلى أخرى “دبلوماسية”. وأضاف: “نحن بصدد إنهاء الحرب.. لكننا لن ننهي عملنا في العراق، فلدينا التزام بعيد المدى تجاه العراق”. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية فيليب كراولي الذي كان يتحدث مباشرة على شبكة التلفزيون الاميركي «ام اس ان بي سي» بينما كانت تعرض صور الدبابات الاميركية وهي تعبر الحدود العراقية-الكويتية انها «لحظة تاريخية». لكنه ذكر بان الالتزام الاميركي في العراق ثابت وطويل الامد، واضاف ان «آخر ما نريده هو مناسبة جديدة لارسال جنود الى العراق، وان يكون علينا انهاء مرحلة القتال مجددا»، وتابع «نحن لا نضع حدا لالتزامنا في العراق. سيكون امامنا عمل كبير لانجازه. هذه ليست نهاية امر، بل انتقال نحو شيء مختلف. لدينا التزام طويل الامد في العراق». واشار الى ان النزاع العراقي الذي ادى الى مقتل 4400 اميركي وكلف واشنطن الف مليار دولار، كان له «ثمن باهظ»، واضاف «قمنا باستثمارات هائلة في العراق وعلينا القيام بكل ما في وسعنا للحفاظ على هذا الاستثمار وليدخل العراق وجيرانه في وضع اكثر سلمية بكثير يخدم مصالحهم ومصالحنا». من جهة أخرى دعا الرئيس العراقي جلال طالباني أمس الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية ووسائل الإعلام إلى الابتعاد عن “أجواء التوتر والتصعيد والتحريض وكيل الاتهامات والإصغاء إلى صوت الحوار الأخوي بين الشركاء السياسيين واعتماد المنافسة السياسية المشروعة”، بغض النظر عن تباين الرؤى والمواقف وقال الرئيس العراقي في بيان صحافي إن “الإسراع في تشكيل حكومة الشراكة الوطنية غدا ضرورة ملحة لمعالجة الملفات الساخنة في مجال توفير الخدمات وإطلاق الاستثمارات ومنع تعثر وتباطؤ وتأثر التنمية الاقتصادية”.