أبكيك غازي ويبكيك اليتامى والأيامى والعاطلين المحرومين والمرضى المتوجعين والمواطنين المُظلِمين. نعم أبكيك بعد أن كنت أظن أنك لن تتركنا بدون مستشفيات وكهرباء ووظائف. ومات غازي الحب والإخلاص وغازي المواطن والوطنية وغازي الإدارة والدراية وغازي السياسة والوزارة وغازي الرواية والقصة. مات غازي وكأنه غازٍ موجهة رماح السب وسهام الشتم إلى نحره المزماري وحنجرته الوترية، مات وحروفه مسيّجة وأنامله مقيدة ولسانه معقود. غازي الذي سبق عصره ولم نرْق إلى طوره ولم يرُق لنا ذوقه، مات ولا أعلم هل كان فسْح كتبه عزاءً أم وفاءً، نعم أنعم بها من خطوة لمعالي وزير الثقافة والإعلام صديق دربه وأنيس وحدة اتجاهه الدكتور عبدالعزيز خوجه، رغم أنها أتت متأخرة إلا أنها بادرة ثمناها جميعًا. زاوية لا بد وأن ألج إليها وكنت أظنها لا تفرج وهي رسالة لبعض أساتذة الجامعات المشرفين على رسائل الماجستير والدكتوراه الذين لا يقبلون مهرًا لدراسة أدب القصيبي إلا أن تفارق روحه جسده فقد آن الأوان لكشف زعمكم وقد غادر غازي. سعادة المشرفين / كم كنت أتمنى وأنتم تتربعون على شرف كراسي البحوث الأكاديمية ألا تكن عقول بعضكم مؤدلجة وقلوبهم مغلفة وأفكارهم مودعة في رؤوس غيرهم، فلكم حاول باحث أو طالب علم أن يقرأ غازي ويخلد غازي إلا أن بعض التيارات التي أضحت نشازًا تقف كشوكة في نحر العلم والأدب والثقافة بحجج واهية كتشكيك في منهج الشخص وكتغلغل في سويداء قلبه إلا أن عزاءنا أن غازي خلد نفسه وسجل حضوره واحتل مكانة في التاريخ ولحق بركب المتنبي وأبي تمام والبحتري وأحدث لنا نقلة تحريرية شعرية كامتداد لعلي أحمد باكثير ولويس عوض وبدر شاكر السياب ونازك الملائكة وجبران خليل جبران. عزاؤنا أن غازي لم يمت وإنما بقي منثورًا بين أحرفنا ومنيرًا بين دفاف كتبنا بقي صوته يدغدغ مسامعنا وكلماته تشنف آذاننا وأغانيه تطرب قلوبنا وتروي وجداننا. إنني وفي نهاية رحلتي مع الدمع والقمع والشمع والمنع لأعزي الشعب السعودي ومحبي غازي من مفكرين وكُتّاب وأدباء ومثقفين على مستوى العالمين العربي والإسلامي قبل أن أعزي أسرته وزوجته وأبناءه وابنته فهو فقيد الجميع ولا نملك له سوى الدعوة بأن يرحمه الله رحمة واسعة.