إن طويل العمر لا يشعر بمرور الوقت، فكيف وعمر الانسان قصير، يقطعه الموت الأدنى كل يوم، حتى ينهيه الموت الأقصى، فحينها يستشعر الانسان انه ما لبث غير ساعة من نهار. فهذا سيدنا نوح عليه السلام، عاش أكثر من الف عام، يسأله ملك الموت عند قبض روحه: يا أطول الانبياء عمراً، كيف وجدت الدنيا، فيجيبه قائلا: وجدتها كدار لها بابان، دخلت من احدهما وخرجت من الآخر، والعمر القصير ليس سريع المرور فحسب، بل كل ساعة تنقضي لا ترجع، ولا تعوض أبداً، لذلك تجد بعض الشعراء يعبرون عن لهفتهم لأيام الشباب بعد ان بلغوا المشيب وكأنهم بلغوه فجأة، ويتمنون الرجوع الى ما فات، ولكنها مجرد أمنية مستحيلة التحقيق فما مضى لا يعود ابداً: ألا ليت الشباب يعود يوماً فأخبره بما فعل المشيب ويقول الحسن البصري: ما من يوم ينشق فجره الا وينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني اذا مضيت لا أعود الى يوم القيامة. فلا يسع المرء ان يتجاهل قيمة وقته والموت له بالمرصاد، فان رفض وتجاهل قيمته فاتت عليه فرصة المراجعة والوقوف مع النفس، ذلك لأن صحيفة الاعمال تكون قد طويت، وأقبلت ساعة الفراق والرحيل عن دار العمل والسعي الى دار الجزاء والحساب قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم اموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون) ويقول سبحانه: (وانفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربي لولا اخرتني الى اجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين) (ولن يؤخر الله نفسا اذا جاء أجلها). اللهم لا تجعلنا ممن سوفوا وأخروا وأدركهم الأجل فما استفاقوا، ولنبادر لاغتنام لحظات العمر في خير ونفع عاجل وآجل. ان الوقت أنفس وأثمن ما يملك الانسان، فبحق (الوقت هو الحياة) وقيمته تكمن في انه دعاء لكل عمل وانتاج. نسأله سبحانه ان يرزقنا وإياكم التوفيق لصالح القول والعمل. فاكس: 026980564 - [email protected]