(1) يخطئ كلُّ مَن يظن، وكلُّ مَن يروّج للناس، أن المقاومة هي مجرد خيار من بين العديد من الخيارات الأخرى المطروحة. المقاومة قَدَرٌ وليست خيارًا. إنها ببساطة شديدة، قَدَرُ كلِّ الشعوب التي ترزح تحت نير الاحتلال، وكل الشعوب التي تواجه تهديدًا مباشرًا لأمنها واستقلالها من قِبل عدوٍّ لا يتورّع عن استخدام قوته لانتهاك سيادة هذه الشعوب بكافة الأشكال المباشرة وغير المباشرة. المقاومة خيارٌ فاشلٌ، لأنها ليست خيارًا في الأصل. عندما تؤمن الشعوب المحتلة والمهددة والمستهدفة من قِبل قوى كبرى بأن المقاومة قدرٌ، فإن المقاومة لا يمكن أن تخسر. ( 2 ) كيف يمكن لنفس وسائل الإعلام، ونفس أنظمة الحكم التي مجّدت المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي في بداية الأربعينيات، أن تصف المقاومة الفلسطينية واللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وما تبعه ويتبعه من استيطان، وتطهير عرقي، بالإرهاب؟! إنّها صورة من أبشع صور الازدواجية. ( 3 ) وجود التيارات المتطرفة، والمنظمات الإرهابية التي ترفع شعار الدِّين في العالمين العربي والإسلامي، ليس مبررًا للحرب التي يشنها الإعلام الغربي، ومؤسسات الحكم هناك، ضد الإسلام نفسه. الغرب كان -ولا يزال- يتحمّل الجزء الأكبر من المسؤولية في رواج ظاهرة التطرّف الدِّيني في العالم الإسلامي، بسبب إصراره على المضي قُدمًا في نهجه الاستعماري. وما لم يفهم المواطن الغربي ذلك، فإنه سيظل مضللاً من قِبل وسائل إعلامه وأنظمته الاستعمارية التي تختلق أسباب الحرب، وتخطط لاستمرارها إلى ما لا نهاية. ( 4 ) رغم اختلاف الظرف التاريخي، فإن فكرة العداء للمسيحية لم تجد أي صدى في العالم العربي خلال الحملات الصليبية، بالمقارنة مع ما تجده أفكار العداء للإسلام في الغرب عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر. التاريخ لم يسجل أية مضايقات، أو اعتداءات ضد أشخاص المسيحيين العرب، أو ضد دور العبادة الخاصة بهم في تلك الفترة. في حين يعاني العالم الإسلامي برمته، والمسلمون المقيمون في الغرب، من أبشع أنواع الظلم والاضطهاد منذ أحداث سبتمبر! لقد أثبتت أحداث سبتمبر أن القيم التي يتشدق بها الغرب ما هي إلاَّ شعارات مُعدَّة للاستهلاك الإعلامي. [email protected]