تأثّر الدكتور: طه حسين بالفكر والأدب الفرنسي؛ فتأثر بأستاذه: “سان سيمون”، وتأثر “باندريه جيد” “وسانت بيف”، وتأثر ضمن ما تأثر بالفيلسوف “رينيه ديكارت”، العالم والفيلسوف المعروف ونظريته في الشك “je pense done je suis”. وحاول تطبيقها بعد عودته من فرنسا على الشعر الجاهلي في كتابه الأول “في الشعر الجاهلي” الذي لقي زوبعة كبيرة حدت به إلى التعديل فيه وتغير عنوانه إلى “في الأدب الجاهلي”. ونظرية طه حسين التي تأثر فيها ب”رينيه ديكارت” دارت حول الشك في بعض الشعر الجاهلي أو ما يسمّى عند القدامى ب“الانتحال” وقد تكون الانتقادات التي وجهت إلى “ابن إسحاق” في سيرته وإيراده لشعر غير محقّق، فضلًا عن تنويهات “ابن سلام الجحمي” في كتابه الشهير “طبقات فحول الشعراء” حيث لفت النظر إلى ظاهرة الانتحال في الشعر، ودور الرواة في ذلك، وخاصة “خلف الأحمر”، و”حمّاد الرواية” قد تكون هاتان المبادرتان من أوائل الإشارات إلى ظاهرة الانتحال في الشعر إذا ما أضفنا إلى ذلك جهود المستشرق “مرجليوث”، أدركنا من خلال ذلك كله أن الدكتور: طه حسين ليس الوحيد الذي طرق هذه الناحية. غير أن ميزة الدكتور الجليل: طه حسين في هذه الناحية أنه حاول أن يجعل للقضية النقدية في مجال نقد الشعر الجاهلي ميزة علمية وحضارية باتكائه على نظرية علمية، ومحاولة توجيهها الوجهة الأدبية النقدية، ورغم الملاحظات عليه، فإن ما ما قام يعد خطوة جريئة غير مسبوقة في العصر الحديث، ونظريته تعد خطيرة في شعر لا يملك العاقل إلا أن يشكك في الكثير منه، وفي شعر أخذ طابع الإعرابية الجافة وغير الحقيقة في العديد من صوره، وجاء العباسيون بعد ذلك وتفوّقوا على الجاهليين، وجعلوا للشعر صحة ونقاء وتطوّرًا وحلاوة ومذاقًا حضاريًّا لم يوفّره الشعر الجاهلي الذي يعدّ في معظمه مجهول الهوية!!