لم يجف مداد مقال الأسبوع الماضي حول (مناطقية صحافتنا) حتى كان الردُّ من منطقة عسير التي توَّجت صحيفة (المدينة) بجائزة المفتاحة لعام 1431ه للتميّز على مستوى الإعلام المقروء، وثنَّت بتتويج مدير مكتبها في عسير الصحفي المتألق (عبدالرحمن القرني) بجائزة المفتاحة للإعلامي المتميز على مستوى الإعلام المقروء، وكأنَّ الجائزة تأتي ردًّا على المقال وتأكيدًا على تفرُّد (المدينة) بالشمولية والانتشار ومجافاتها لمناطقية صحافتنا التي تحدثتُ عنها. وبالأمس القريب حققت المدينة جائزة الحج، ثم جائزة مكة للتميّز متفردة على مثيلاتها، واليوم تثلِّث بجائزة المفتاحة للتميّز، ولو حمل الغد جوائز أخرى في مناطق أخرى فلا أخالها تكون إلاّ من نصيب المدينة. دلفتُ ذات يوم مبنى صحيفة المدينة فوجدتُ على بوابتها لوحة رخامية كُتبت عليها آيات اتخذتها المدينة منهاجًا لها في مسيرتها الإعلامية، قرأتُ فيها قوله تعالى : “ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء... الآية”، فعرفتُ أن المنهج المتفرد الذي تسير عليه المدينة راسخ برسوخ الآية السالفة، وأن التميّز الذي أَلِفته المدينة عائد لمصداقيتها، وأن الجوائز التي تحصدها تعود لشموليتها في الطرح، ولتغطيتها المتميّزة لجميع مناطق بلادنا الغالية، وأن قبولها عند شرائح المجتمع كافة عائد لسياستها الإعلامية المتزنة وعدم مصادمتها للمبادئ (النقية) الراسخة في نفوسهم. ومن مبادئ تلك الآيات كانت الانطلاقة، وعلى هديها كان التميّز الذي لازم المدينة طوال مسيرتها الإعلامية. ومع هذا فأنا على ثقة بأن تطلعات مجلس إدارة مؤسسة المدينة لن تقف عند هذا الحد؛ لعلمهم أنهم في فضاء إعلامي لا يرحم المتوانين، ولا يحفل بالقانعين، ولذا أخذت المدينة على عاتقها مسؤولية القيام بما يتطلبه الإعلام الحديث، فعقدت العزم على أداء رسالتها التنويرية (المتناغمة) مع الحِراك المجتمعي بالصورة المثلى التي تتسلل إلى مفاصل المجتمع دون أن تربك مسيرة التنمية التي تنتهجها القيادة الحكيمة للبلاد، يجيء هذا بالتوازي مع الأخذ بأسباب التقنية الحديثة، فعملت المدينة على جلب أحدث المطابع، واهتمت بالمضمون غاية الاهتمام، مع العناية الفائقة بالإخراج. ومهما حمل الفضاء الإعلامي من وهج يخطف الأبصار فإن مصير الوهج الانطفاء، ويبقى (النور) الحقيقي الذي لا يحرق، بل يُنير الدرب للسالكين بحكمة واقتدار، وعندها ينال الرضا ويحصد التميز، وتلك هي المدينة. لقد أنصفت جائزة المفتاحة -وقبلها جائزتا الحج ومكة- المتميزَ، ووضعت التميَّزَ في مساره الصحيح، فهنيئًا للمدينة ممثلة في مجلس إدارتها وكُتابها ومراسليها والعاملين بها وقرائها متوالية التميز وثمار البذل التي أتت نتيجة طبيعية لما وصلت إليه، فحققت مفهوم الإعلام الشمولي على أرض الواقع فكان التفرُّد سمة ملازمة لها. وقفة: سعدت خلال الأسبوع الماضي بزيارة نادي الطائف الأدبي الثقافي ومقابلة نائب الرئيس الأستاذ علي خضران القرني والدكتور عالي القرشي والأستاذين مناحي القثامي وخالد الخضري وبعض العاملين في النادي، وحالت ظروف رئيس النادي الأستاذ حماد السالمي دون لقائه، فللجميع الشكر على كرم الاستقبال وعلى تبنِّي إصدار ديواني الأول الذي سيرى النور قريبًا بإذن الله. وكم هي الطائف جميلة بخصال أهلها وعراقة تاريخها ومآثر رجالها وجوِّها البديع، غير أن ما آسفني هو الغلاء (الفاحش) للشقق المفروشة والفنادق، وممارسات بعض الشباب في (دائري متنزه الشفا) حين يعكسون اتجاه السير في تحدٍّ وإصرار (لطوابير) سيارات المصطافين على مرأى ومسمع من الدوريات الأمنية التي وقفت حائرة أمام عبثهم. ثم أقول: غدًا أو بعد غدٍ يحل رمضان بروحانيته ولياليه وأيامه العامرة بالطاعة، نسأل الله الكريم أن يبلغَنا إياه وأن يجعلنا ممّن يصومه إيمانًا واحتسابًا وأن يكتبنا فيه من المفلحين. [email protected]