شهدت الولاياتالمتحدة واحدة من أكثر الحقب سوادًا في تاريخها الحديث عندما استسلمت للرأي الواحد تحت سيطرة عنصر الخوف وراية الدفاع عن المبادئ الأمريكية وحماية الشعب الأمريكي من المد الشيوعي. وقد ذهب ضحية هذا التيار آلاف من الضحايا الأبرياء كانت تهمتهم الوحيدة هي «الفكر الحر»؟! كان وراء نشوء هذا التيار الإرهابي الذي أثار رعب الألوف من المثقفين والسياسيين الأمريكيين سيناتور اسمه جوزف مكارثي، جعل من تخوف الشعب الأمريكي من وصول «المد الأحمر» إلى بلادهم فرصة سانحة ليحول نفسه فجأة إلى بطل من أبطال محاربة الشيوعية في أمريكا. كان سكيرًا مُقامرًا، مُحبًا للشجار، ويفتقد لكثير من المهارات السياسية لكن كان سلاحه القوي: قدرته على قول الأكاذيب من دون أن يرف له جفن... وحس عال بترويج الدعاية حول نفسه. وقد بيّن أحمد بهاء الدين - رحمه الله - أثر المكارثية على أمريكا بقوله: «كانت أمريكا وقتها أغنى ما تكون بالخبراء ولكن الإرهاب الفكري الذي نشره مكارثي كان بمثابة من خلع عيني أمريكا وقطع أذنيها». فقد استطاع مكارثي أن يخترق أجهزة الدولة واقترب من أن يشل أسلوب الحياة الأمريكي ويدمره. وصارت أي كلمة قادرة على أن تكلف صاحبها مهنته وعيشه وأقل، وأي شبهة تُعرض صاحبها لتحقيقات مهُينة. ورغم انتهاء مكارثي وعصره بفضيحة أسقطته سياسيا وأخلاقيًا، إلا أن اسمه لازال يُمثل شبحًا يخشى الأمريكيون من عودته متخفيًا تحت عباءة أو «نيو ولوك» جديد! [email protected]