لقد سئمت كما سئم العديد من المواطنين من تلك التصريحات الخاصة بالمشاريع التنموية والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، وهي بمثابة عيارات نارية من الوزن الثقيل تطلق في الهواء لا تصيب عدوا ولا حبيبا، ولكنها تصم الأذان أو تصيب بنوع من أنواع الانتفاضة عند سماع دويها ... قررت وأنا أقرأ مقالتَي الكاتب المبدع خلف الحربي عن مشروع تكلفة إنشاء منتزه وادي العسلاء الذي سوف تصل تكلفة إنشاء البنية التحتية فيه إلى 22 مليار ريال أن أستخدم قوس كاتبنا لأُسدد به سهاما على كل من سولت له نفسه الاستخفاف بعقولنا، فهل يعقل أن تصل تكلفة إنشاء البنية التحتية للمنتزه 22 مليار ريال، أي لو أن المساحة الإجمالية مليون متر مربع لأصبحت تكلفة تطوير المتر المربع 22 ألف ريال (ريال ينطح ريال). إن التكلفة المذكورة تفتقر إلى العقلانية والمنطقية بلغة الأرقام والحسابات إلا إن كانت الشركة سوف تقوم باستيراد بعض مواد الإنشاءات من كوكب المريخ، وتستخدم أنابيب المياه من الذهب الخالص وتستعيض عن مادة الإسفلت في شوارع المنتزه بالرخام والجرانيت وتستخدم المسك والعنبر في حدائق المنتزه عوضا عن السماد واستيراد الأخشاب والأشجار من جزيرة بالي في اندونيسيا إضافة إلى استقدام عشرة آلاف شخص من كوكب زحل للاستمتاع بهذا المنتزه لكونه سوف ينافس منتزه الهايد بارك اللندني .. الخبر أضاف أن الأعمال في المنتزه سوف تكتمل في غضون سنتين وسوف يشمل المشروع جسورا وشلالات وملاعب الجولف، وأنا على يقين أنه سوف يطل علينا أحد جهابذة هذا العصر ليعلن أن تكلفة هذه الإنشاءات سوف تصل إلى مائة مليار ريال. بالرغم من أن الحديث عن تلك المليارات أصابني بحالة من الغثيان إلا أن تنفيذ المشروع في غضون سنتين أصابني بالهستيريا، ورددت مقولة إخواننا المصريين «دي واسعة حبتين» فنحن وعلى مدار الثلاثين سنة الماضية لم نستطع تنفيذ مشاريع الصرف الصحي ولا قطار الحرمين ولا زيادة الطاقة الإنتاجية في محطات الكهرباء والمياه ولا تنفيذ توسعة مطار الملك عبدالعزيز بجدة .. الخ .. همسة : أحد الفلاسفة صنف الكلام الفاضي إلى نوعين : كلام فاضي، وكلام مليان كلام فاضي ارحمونا ... فلدينا عقول نفكر بها.