أهداني الصديق العزيز الدكتور فهد بن سيف الدين ساعاتي أحدث مؤلفاته، عبارة عن دراسة علمية بعنوان “مواقع الناشرين العرب على شبكة الأنترنت”، تناول فيها ظاهرة تزايد انتشار مواقع الناشرين على شبكة الأنترنت، ومن خلال معرفتي البسيطة بهذا المجال وجدت أن هذه الدراسة تعد مرجعًا شاملًا عن الاتجاهات الحديثة في مجال تقييم المواقع، حيث تم تقييم هذه الدراسة في ستة فصول كان أولها إيضاح الإطار العام للدراسة، ثم التطرق إلى مواقع الناشرين العرب على الأنترنت وبعد ذلك تم عرض وتحليل نتائج الدراسة التطبيقية وكان آخرها عرض أهم ملامح التصميم المقترح لموقع ناشر تجاري عربي على الأنترنت، وكانت واقعية التناول في هذه الدراسة تدفعنا إلى التعرف على نتائجها التي سردها المؤلف في شقيها النظري والتطبيقي من خلال عدد من النتائج والتي كانت عبارة عن تحديد دوافع اتجاه الناشرين نحو إنشاء مواقع لهم على الأنترنت، والتطرق لأبرز التحديات التي تحد من قدرة هؤلاء الناشرين على الأنترنت، والمعوقات التي تواجه هذا التقييم والمعايير التي يمكن الاعتماد عليها في ذلك، ومدى اتفاق هذه المواقع مع معايير التقييم التي توصلت إليها الدراسة، وما يجب الإشارة إليه في هذا التناول الإعلامي هو التطرق لأهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة وفقًا لما تم إيضاحه نحو إنشاء مواقع للناشرين على الأنترنت تتمثل في الآتي: العوامل التكنولوجية وما يدور في فلكها من تطورات سريعة ومتلاحقة شهدتها تكنولوجيا المعلومات بصفة عامة، وتكنولوجيا الاتصالات والحاسبات بصفة خاصة، بالإضافة إلى انتشار شبكات الاتصالات والمعلومات المبنية على الحاسب الآلي سواء على النطاق المحلي أو الوطني أو العالمي وفي هذا الجانب أيضًا برزت عولمة صناعة المحتوى عن طريق شركات البرمجيات متعددة الجنسيات التي تولي اهتمامًا بالغًا بتكنولوجيا اللغات المتعددة، وهو ما دفع هذه الجهات إلى الاهتمام بالنشر على الأنترنت وتطوير تقنياته وأساليبه، بدون شك أدى كل ذلك إلى زيادة فرص التسويق، وزيادة حجم المبيعات من خلال نشر الإعلانات بالدوريات والنشرات والمواد التجارية بالأنترنت، ثم بعد ذلك كانت للدراسة وقفة مع العوامل الثقافية والمعرفية في هذا الإطار والتي كانت أهميتها تتلخص في التزاوج بين المعلوماتية والعلوم الأخرى، وما يترتب على ذلك من توليد كم هائل من المعلومات الصريحة والضمنية، والتي تحتاج إلى وسائل مبتكرة للتعامل معها والاستفادة منها، كما أوضحت الدراسة أن التضخيم المستمر في حجم الناتج الفكري الإنساني أوجب إيجاد وسائل أكثر كفاءة لتخزين البيانات والمعلومات، وإيجاد مداخل سريعة لهذه البيانات المخزنة. الجانب المهم بالنسبة لي من هذه الدراسة كان يتناول العوامل المتعلقة بصناعة النشر حيث أوضحت تطور صناعة النشر في مجالات التحرير والمراجعة والتوزيع الإلكتروني واستخدام الناشرين للحاسب في عمليات النشر المختلفة، بالإضافة إلى تزايد حدة المشكلات المرتبطة بصناعة النشر الورقي، وكان من أبرزها مشكلة ارتفاع التكاليف، وطبيعة الأصول الورقية القابلة للتلف والتأثيرات السلبية على البيئة، والمشكلات التخزينية والمكانية للوثائق الورقية، ومشكلات نقلها وشحنها وإيصالها. وأشارت الدراسة إلى وجود مزايا يمكن أن يحققها الناشرون من خلال تواجدهم على شبكة الأنترنت مثل الترويج للإصدارات وخدمات الناشرين وفتح أسواق جديدة لهم بتكلفة أقل وبجودة أعلى أمام كل ما سبق، أوضحت الدراسة أيضًا إبراز التحديات التكنولوجية التي تواجه الناشرين، وتحد من قدراتهم على الاستفادة من مواقعهم على الأنترنت كانت ابرزها انتشار ظاهرة الأمية التكنولوجية، وانخفاض عدد مستخدمي الأنترنت في الدول العربية، كذلك ضعف البنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومحدودية انتشار خدمات الأنترنت في معظم الدول العربية، وعدم وجود معايير تنظم إنشاء المواقع الخاصة على شبكة الأنترنت، وعدم توفر التكنولوجيا لدى معظم دور النشر العربية، بالإضافة إلى العديد من التحديات التشريعية والاجتماعية والثقافية والتحديات الاقتصادية والمالية، وخلصت الدراسة إلى وصية المؤلف إلى ضرورة اهتمام المهتمين والباحثين العرب بدراسة وتقييم مواقع الناشرين العرب على الأنترنت بشكل دوري، والعمل على التوصل إلى معايير موحدة ومقننة يجب توافرها في هذه المواقع، كذلك إلى اهمية التوسع في تدريس المقررات التي تهتم بأساليب ومعايير تقييم المواقع المتخصصة على الأنترنت، مع التركيز على مواقع الناشرين العرب، وبالرغم من كل ذلك فإن إشارتي لما سبق ستكون بارقة أمل للارتقاء بالنشر والناشرين، وما تحققه مثل هذه الخطوات المتميزة وتعكسه من انطباع لدى الباحثين الذين يهمهم مثل هذه الانجازات المتميزة والفاعلة ليواصلوا عطاءاتهم وإبداعاتهم وتتسع دائرة تواجدهم إلا أنه بالرغم من كل ما تم التطرق إليه، ترى هل يتفوق الناشر الإلكتروني على الناشر الورقي؟ حتمًا هناك العديد والعديد من الآراء ستؤكد صحتها واقعية المرحلة المقبلة، وللصديق فهد ساعاتي أصدق التهاني بهذه الخطوة في إصدار هذه الدراسة العلمية الموفقة بإذن الله تعالى.