الحب قيمة من أعظم القيم وشيمة من أمثل الشيم فهو وحده الذي يقوّي روح التواصل وينسج لحمة التضامن والتكافل ويعطي بعداً وجدانياً لعملية التبادل. فكل إنسان يجب أن يكون محبوباً بل قلّ أن تجد إنساناً يودّ أن يبغضه الآخرون .. حتى لو كان هو بغيضاً في ذاته. ولقد انتهيت من قراءة «تجربة حب» خطها قلم الكاتبة السعودية سعاد جابر في روايتها الأولى بعنوان «صمت يكتبه الغياب» قدمت له الكاتبة نوال مصطفى واعترفت فيه لسعاد - طبيبة الأطفال - بالنجاح في ملامسة «مشاعر خاصة متفجرة بالألم والأمل لكل امرأة أربعينية تملك كل شيء ولا تشعر بشيء وتسبح في فراغ عاطفي هائل يسلبها الإحساس بالسعادة». إنها قصة حب كان «قلم الكاتبة» سعاد جابر هو بطلها الحقيقي .. بدأ بمصافحة وانتهى بمصارحة .. أحبت فيه مؤلف أول كتاب قرأته .. وانتهى مع آخر صفحة من الكتاب لتبدأ قصة حب جديدة مع كتاب جديد بمؤلفه وشخصياته. فكل تجربتها لم تخرج عن خيال برئ لا يتعدى سطور ما تقرأ. فقد كانت خيالات الكاتبة، كما تعترف أبعد مما يدركه عقلها .. وأقرب مما تراه عيناها .. تعذب نفسها في البحث عن مثالية لا توجد على هذه الأرض. والكاتبة تستعذب كل المشاعر التي يحملها الحب بكل أنواعها تسعد بمعاناتها وعذابها وحرمانها ممن تُحب وتعتبره ضريبة تقدمها لمحبوبها بكل أريحية .. حتى لو ذبحت كرامتها! «فما قيمة كل شيء في هذا العالم إن لم يكن لك ومن أجلك». لكن رغم كل ذلك فهي تشترط في محبوبها أن لا يكون «رجلا تقليديا» بل تريده إنسانا بمواصفات من غير هذا العالم يفعل كل شىء لها. وتعتبر هزيمتها في رجلها لا تقلّ عن هزيمتها في وطنها حيث تتداخل هزيمة الوطن مع هزيمة الحب. فحين يخون هذا الحبيب الوطن فإنه إنما يكون قد خانها تباعاً. فالرجل المتسلط هو سبب هزائم العرب ونكباتهم. وهي .. والوطن معاً ضحية لمثل هذا الرجل! ورغم كل ذلك تظلّ مسكونة به، فهي تعترف «أن ما يربطني بك يا سيدي لم يزدد مع الأيام إلا قوة وعمقاً لأنك الرجل الوحيد الذي منحته حبي .. وآلمته بصدق عاطفتي». وفي نفس الوقت تتمنى لو «أستطيع أن أطردك من ذاكرتي يجب أن أكرر أني أكرهك». إنها حالة حب وكره سبقتها جميلة الشاشة العربية أيام سينما العمالقة ليلى مراد في التعبير عنها في أغنيتها «أكره وأحبه .. إهئ .. إهئ». إنها مشاعر متلاطمة، مندفعة، منسحبة، خجولة، جريئة، منتصرة، مستسلمة، ترفع الراية البيضاء حيناً وتغرس راية النصر فى أعلى جبل الحب وتشير بعلامة الانتصار عالياً. لكنها رغم كل هذا نجدها تنتظر على الخط كلاعب احتياطي يجلس على دكة البدلاء ينتظر إشارة من مدربه للمشاركة في المباراة .. مستعد على الدوام بلياقة كاملة انتظاراً لتلك اللحظة التي ينزل فيها إلى الملعب ليشارك في اللعب. وحتى ذلك الحين تُؤكد الكاتبة سعاد جابر لنفسها ومع نفسها «سأظل انتظر إلى أن يأتي اليوم الذي أشعر فيه بأني إنسانة تستحق أن تقول عنها : «هذه المرأة التي أعشقها وتعشقني».