لم تبقَ محتويات الخطاب الذي أرسله الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس سرًّا، واتّضح أنه خطاب تهديد ووعيد للرئيس الفلسطيني، ومنظمة التحرير، بالحصار، وإيقاف المعونات -حتى الأوروبية- وقطع العلاقات، إذا لم ترضخ السلطة الفلسطينية للمطلب الصهيوني بمفاوضات مباشرة دون أي شروط أو ضمانات، وهو خطاب إمبراطوري يكفي أن السيدة حنان عشراوي التي لا يمكن اتّهامها بالتطرّف، أو الإرهاب، قد وصفت الخطاب بأنه «ابتزاز». ولم يعدْ سرًّا أن الرئيس أوباما وإدارته، قد مارسوا ضغوطًا شتّى، وأجروا اتّصالات مكثفة بالحكومات العربية، لكي تقوم بدفع الرئيس عباس للقبول بكل ما ظل يرفض، وخاصة المفاوضات المباشرة، وتأمين غطاء عربي له. * * * هل يستطيع الرئيس الأمريكي (أي رئيس) توجيه خطاب تهديد مهين كهذا الخطاب، أو حتّى بعض عباراته إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي! دون أن تنقلب أمريكا كلها فوق رأسه؟! اعترف بذلك صراحة الرئيس جيمي كارتر، الذي أكد في مذكراته المنشورة أن أي رئيس أمريكي، يمكن أن يضغط (فضلاً عن أن يهدد) الحكومة الصهيونية فسيدفع ثمنًا غاليًا، لكن من الحق أن نشيد بشجاعة ووطنية الرئيس الأسبق جورج بوش الأب، ووزير خارجيته المتميّز جيمس بيكر، اللذين اتّخذا موقفًا شديد الحزم مع حكومة الإرهابي الجزار مناحيم بيجن، وأرغمهم على حضور مؤتمر مدريد عام 1991. ما يهمنا الآن هو أن الرئيس باراك أوباما قد تعلّم درسه، واستفاق على حدود قدراته، فانقلب بعد لقائه الأخير بنتنياهو، وتحوّل إلى متزلف للكيان الصهيوني، وعلى نحو مؤسف، وحرص كل الحرص على أن يذكر الصهاينة في أكثر من حديث صحفي، وفي اجتماعه في البيت الأبيض برؤساء المنظمات الصهيونية الأمريكية لاسترضائهم بأنه قد دعم إسرائيل، ووقف إلى جانبها على كل صعيد، كما لم يفعل أي رئيس آخر في التاريخ الأمريكي، وهذا ما يحدث بكل تأكيد عسكريًّا وماليًّا ودوليًّا.