الشيخ إبراهيم بن عبدالعزيز آل إبراهيم من أعلام المملكة ومن أبرز رجالات الإدارة في تاريخ المملكة، أمضى في خدمة بلاده ومليكه أكثر من خمسة وثلاثين عامًا، قدم خلالها خدمات جليلة وأنجز مشروعات كثيرة وإصلاحات عمرانية واجتماعية وصحية عديدة، ولم يترك قرية ولا مدينة ولا جبلًا ولا واديًا ولا شاهدًا إلا وقف عليه بنفسه وقفة الباحث والمخطط المتأمل حتى أصبح خبيرا واسع الدراية والتجربة في غرب المملكة وجنوبها إلى جانب تجربته الغنية في إدارة الإمارات التي تولاها: القنفذة ومكةوعسيروالباحة. وفي كتابه سيرة الشيخ إبراهيم عبدالعزيز آل إبراهيم يقول المؤرخ نجدة فتحى صفوة: تحقق لمنطقة القنفذة في عهد إمارة الشيخ إبراهيم البراهيم منذ فبراير 1952 أهم مشروع لا زالت المنطقة تعتمد عليه وتنعم به وهو مشروع إيصال الماء إليها بعد أن كان أهالي القنفذة يعتمدون على الآبار وكانت مياهها مالحة وغير نقية.. وفي عهده تم تمهيد الكثير من الطرق لربط أجزاء المنطقة بعضها ببعض وربط المنطقة بما جاورها من المناطق وتيسير سبل الاتصال فيما بينها، وطبقا لرواية «حسن بن على الفقيه» أحد المعلمين الأوائل من أبناء القنفذة فإن الأمير إبراهيم اجتمع بعد وصوله إلى القنفذة وتسلمه إماراتها بأهالي المنطقة وعرض عليهم فكرة إنشاء شركة مساهمة تقوم باستيراد البضائع وتطوير ميناء القنفذة إلا انه لم يلاق التجاوب المطلوب من الاهالي. وخلال إمارته للقنفذة أظهر الأمير إبراهيم اهتمامًا كبيرًا براحة المواطنين وحل مشاكلهم وكان ينتقل بين أجزاء المنطقة ليجنبهم مشقة السفر إلى القنفذة في تلك الفترة التي كانت سبل المواصلات فيها شديدة الصعوبة. يوضح الكاتب أن الشيخ ايراهيم -كما يروى أكثر من شخص من عارفيه- يحترم القضاء وأحكامه ويعامل القضاة بالرعاية والتكريم، وكان شديد الحرص على حل القضايا المطروحة على المحاكم بأسرع ما يمكن وكان يحرص على عدم تكليف الناس بكثرة المراجعات، كما كان الأمير كبير التشجيع لطلاب العلم شديد الحرص على متابعة دراسة المتعلمين وتسهيل العقبات التي تواجههم، كذلك كان مجلس الأمير في القنفذة وأينما حل بعد ذلك مفتوحا للكبير والصغير بدون استثناء وكان يستقبل جميع الاهالى ورؤساء الدوائر الحكومية بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع على حد قول السيد سعيد باخشوان في مقابلة خاصة مع الكاتب نجدة فتحي صفوة. والفترة التالية التي تقدر بنحو ثمانى سنوات بداية من عام 1961 م، والتي تولي خلالها الشيخ إبراهيم بن عبدالعزيز وكالة مكة لا يزال أهلها حتى الان يذكرون همته في تحسين أحوالهم وأداء مهامه الرسمية بروح إنسانية وبنشاط لا يعرف الكلل. أثناء زيارة قام بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمين عندما كان وليا للعهد إلى منطقة عسير في شهر مارس 1985م وعند وصوله مطار بيشة كان في استقباله الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير في ذلك الوقت بصحبة الشيخ إبراهيم بن عبدالعزيز إبراهيم الذي كان أميرا للباحة، وجاء خصيصا ليكون في استقبال ولي العهد.. ولما وصل الملك عبدالله ولي العهد في ذلك الوقت جلس المستقبلون في قاعة المطار قال الأمير خالد لولي العهد مشيرا إلى أن الشيخ إبراهيم البراهيم: “هذا طال عمرك إبراهيم علمنا أسلوب الإدارة في الإمارة”. يقول المؤرخ نجدة فتحى صفوة في كتابه أن هذا كان رأى الأمير خالد الفيصل أثناء توليه إمارة منطقة عسير في الشيخ إبراهيم البراهيم الذي كان في فترة سابقة وكيلا لإمارة عسير وعمل بمعية الأمير خالد الفيصل ردحًا من الزمن، وكانت كلمة الأمير خالد الفيصل التي صرح بها أمام ولي العهد لفتة كريمة دلت على الوفاء وسمو الخلق ولكنها دلت في الوقت نفسه على المكانة التي كان الشيخ إبراهيم بن عبدالعزيز يتمتع بها ومدى التقدير والاحترام الذي يحمله له الأمير خالد الفيصل. وفي فصل بعنوان “الأمير والرجل” بعض المواقف الإنسانية التي تروى عن الشيخ إبراهيم بن عبدالعزيز منها أنه في احد ايام إمارته للباحة تقدم أحد المواطنين البسطاء إلى الإمارة بطلب لتعيينه في عمل شاغر وهو صنع القهوة وصبها للأمير وضيوفه وكانت للرجل خبرة بهذا العمل وبه حاجة إلى ما يعول به أسرته. ولكن كانت في صوته بحة قبيحة تجعل كلامه منفرا وغير مفهوم أحيانا وخشيت الإدارة المسؤولة من تعيين المستخدمين ألا يرضى الأمير عن تعيينه بسبب عاهته هذه، فلما عرض الأمر عليه قال: انه سيتولى اعداد القهوة ولن يكون مذيعًا. كان من عادة الشيخ إبراهيم التي حافظ عليها طيلة وجوده في منطقة الباحة أن تكون داره مفتوحة للناس كافة مساء كل يوم، كما ان مائدته كانت مفتوحة للعشاء يوميا أيضا ولم يكن يرضى أن ينصرف زائر كائنًا من كان دون ان يتناول طعام العشاء على مائدته وكان يراقب زواره ويقدم لهم الطعام بنفسه ويدعوهم للاستزادة منه. كان قصر الشيخ إبراهيم في الباحة موئلا للقاء مديرى الإدارات والمصالح الحكومية في كل مساء وتحولت جلستهم بعد العشاء إلى ما يشبه الاجتماع الرسمي، إذ يبحثون خلاله ما يواجهونه من مشاكل تعترض عملهم أو قيامهم بتنفيذ مشروعات التنمية وكان كل منهم يبدي رأيه بصراحة ويعرض ما لديه من اقتراح ويطرح ذلك لمناقشة ودية صريحة وكان يصغى لكل اقتراح ويحترم كل رأى. كان الشيخ دائب النشاط كثير الحركة عظيم الشعور بالمسؤولية وشديد الاهتمام بأداء الواجب محبا للرحلات ولذلك يخرج في يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع في رحلات يجمع فيها بين الترفيه والاتصال بالقبائل والمواطنين وكان يتبسط معهم ويدعوهم ويلبي دعواتهم ويناقشهم في أمورهم ومشاكلهم بصفاء ومروءة ويحاول التوصل إلى حلول لها. وقد دأب على إقامة مخيم في منطقة تهامة وسط الجبال الشاهقة والطرق الوعرة يذهب اليه يومين في الأسبوع للنظر في مشاكل المواطنين وشكاواهم ليوفر عليهم، وخاصة العاجزين والمرضى منهم مشقة السفر إلى مقر الإمارة في الباحة لمتابعة مصالحهم.