تعتقد أنك في عالم غريب؟ أم تحسب أن الناس يتحدثون بما لا يعقلون؟ يا مستغربًا هذا السؤال، لا تظن أني أتحدث مع شخص سواك، بل أنت المقصود في هذا الوجود، أنت مقصود مطلوب، وأنت المخاطب المحبوب، يا صاحب العقيدة القوية، يا صاحب الهمة العالية، يا ذا المنهج المستقيم، أنت الذي يجب أن يقف مع نفسه فوق ذروة جبل المحاسبة وجهًا لوجه مع تلك النفس الخاملة، النائمة، بين السحاب، وفوق أعناق القمم، تستمع إلى صوت الرياح وهي تحاول قلعك من مكانك، ولكن هيهات! أنت المقصود حين تنظر إلى نفسك نظرة عتاب وصدق، أنت المقصود فلا تحاول أن تسل نفسك من بين الجموع، وتدّعي طهرًا ليس بطهر، كفاك زورًا وكذبًا، فقد كُشف وجهك، وسقط قناعك، فأين تذهب؟ أنت المقصود بخطابي وعتابي، وبياني وجوابي، أنت المقصود، حتى لا تنسَ أنك معنا، وحتى لا تأخذك الظنون، إلى وادي الأحلام والفنون، فما أن تلبث حتى تجتاحك سيول الأماني والمنون. أنت المقصود، حين تكون إنسانًا، وأنت المقصود حين تكون جانًّا، أنت المقصود بخطاب الرب المعبود، الذي خلق الوجود، فلا تتفنن في الهروب، فمسؤولية العالم على عاتقيك. اصرخ أيُّها المقصود، وقل أنا موجود، أنا موجود، فك عنك القيود، واترك خيال الحدود، واصنع التاريخ صناعة ترضى بها، خفف وطأتك، وحرّك قلبك، واعمل ليومك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا. أيُّها الإنسان المقصود: لو تعلم ما يحدث في الوجود، لانتفضت من خلف السدود، ووثبت وثب الأسود، لأنك الآن أدركت أنك المقصود. محمد فايع عسيري- جدة