الالتزام بتعليمات السلامة يمثل أحياناً عبئاً على النفس تراه ثقيلاً ومملاً وربما كريهاً، وهي من قبل وبعد ثقافة عامة شأنها شأن الالتزام بنظافة الشارع وآداب المرور واحترام المواعيد وغيرها. وطبعاً يتفاوت الأشخاص في مدى التزامهم بهذه الثقافة أو تلك تماما كما تتفاوت درجات التزام الشعوب عموماً بهذه الثقافة أو تلك. خذوا مثلاً ربط الحزام أثناء ركوب السيارة، فبالرغم من كونها عادة حميدة إلا أن التزام الناس بها في مجتمعنا السعودي ضعيف جداً، مع أن من الممكن الحد من ألوف الحوادث المؤدية إلى الموت أو الإعاقة لو أن هذا الالتزام كان عالياً. ويوم الأربعاء الماضي، وأثناء رحلة داخلية طويلة، تعرضت طائرة ركاب أمريكية لمطبات هوائية قوية جداً أصيب على إثرها 21 شخصاً إصابات بليغة منها كسور في العظام وكدمات في الرأس وتخلخل في العمود الفقري. وروى بعض الركاب أن بعض المصابين طار من مقعده وكأن أحداً انتزعه من قوة الاهتزاز. بيد أن الجامع بين كل هؤلاء المصابين هو عدم ربطهم لأحزمة الأمان التي يُطالب بها عادة ركاب الطائرة أثناء تعرضها لمطبات هوائية حتى لو كانت بسيطة. صحيح أن عدد المصابين قد لا يتجاوز 7% من ركاب الطائرة الكبيرة (بوينج 777)، إلا أن الحادثة رفعت بشكل كبير الوعي بأهمية سيادة ثقافة الالتزام بتعليمات السلامة حتى لا يكون الثمن باهظاً. وتصوروا لو أن الطائرة كانت عربية الملكية وعربية الركاب بنسبة 100%، فماذا كان المتوقع من عدد المصابين ومن أنواع الإصابة، ومن فواجع الحادثة!! من منا لم يرَ عشرات الركاب، وقد قاموا من مقاعدهم بمجرد هبوط الطائرة وقبل توقفها مع كل التحذيرات والتوجيهات التي يعلنها ملاحو الطائرة!! وكم منا لم تخطئ عيناه منظر (الملقوفين) الذين يتجمعون حول كل حادثة مرورية ليعطلوا حركة المرور ويؤخروا وصول سيارات الإسعاف فلا (خيرهم) ولا (كفاية شرهم). مشكلتنا الكبرى أن هذا التهاون في الالتزام بتعليمات السلامة يُدرج باطلاً تحت فقه الإيمان بالقدر مع أن الأصل الصحيح هو (اعقلها وتوكل)!! [email protected]