إن أشد المتفائلين لم يكن ليتوقع إن ذلك الصبي الكولومبي المعدم سيشغل العالم طيلة ثمانين عامًا بكتابات شح الزمان بمثلها.. و اليوم غابرييل غارسيا مركيز جنرال الرواية العالمية و واحد من أهم أبطال نوبل يشعر أن مدة إقامته في دنيا البشر قد شارفت صلاحيتها على الإنتهاء..فخط وصيته من روائع الكلمات سأقتطف لك أيها القارئ من رياضها بعض الزهور..فمن يدري لربما كلمة هنا أو جملة هنا قد تجعلك تعيد ترتيب أبجديات حياتك...هل أنت مستعد..يقول: «لو شاء الله أن يهبني حياة أخرى فإني سأستثمرها بكل قواي..لن أقول ما أفكر فيه بل سأفكر في كل ما أقوله..سأمنح الأشياء قيمتها لا بما تمثله بل بما تعنيه .. سأنام قليلا و أحلم كثيرا مدركا إن كل دقيقة نغلق فيها أعيننا تعني خسارة ستين ثانية من النور ..سأبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون إنهم لن يكونوا عشاقا إذا شاخوا بل إنهم سيشيخون إذا توقفوا عن العشق...سأمنح للطفل أجنحة لكني سأتركه وحده يتعلم الطيران..و الكهول سأعلمهم أن الموت لا يأتي بفعل الشيخوخة بل بفعل النسيان...لقد تعلمت كثيرا منكم أيها البشر فالجميع يريد العيش في قمة الجبل غير مدركين إن سر السعادة في تسلقه..تعلمت إن الإنسان يحق له أن ينظر إلى الآخر من فوق فقط حين يساعده على الوقوف ..الغد ليس مضمونا لشاب أو مسن..فتصرف على أساس أن الغد لن يأتي أبدا..حافظ بقربك على من تحب ..أهمس في أذنهم إنك بحاجة لهم..أحببهم و اعتنِ بهم..خذ من الوقت لتقل عبارات ..أفهمك...سامحني..شكرا..فلا أحد يتذكرك من أجل ما تضمر من أفكار» .. كم أنت رائع يا مركيز...و كم هو هذا العالم الذي يختنق بالضغينة و الكراهية و النفاق...كم هو بحاجة إلى كلمات كهذه .. مركيز: وصيتك وصلت.. و أنا أؤكد لك إنها الوصية الوحيدة التي لن يتقاتل عليها الورثة..إنها كافية للجميع .. كل الجميع .. لكل وارث أن يحتفظ بها كلها وحده .. و ستبقى لكل وافد جديد.. مركيز .. نفهمك ... سامحنا ... شكرا .