في كل مناسبة وتاريخ يسجل مليك هذه البلاد عبدالله بن عبدالعزيز موقفاً مشرفاً يكتب بمداد الذهب فقد خاطب حفظه الله بعبارات بسيطة تلقائية وصادقة أبناءه المبتعثين للدراسات العليا في جامعات واشنطن، ونقل لهم كلمته لمجلس الوزراء التي كانت برغم دعابتها – هادفة رائعة (قولوا الله يطول عمره...) يعني البترول وقد اتخذ قراره الحكيم بوقف التنقيب عن البترول وقال أيده الله (خلوا خزائن الأرض لأبنائنا وأبناء أبنائنا) إنها حكمة بالغه نحتاجها معيار عمل في نهضتنا وبناء مستقبل زاهر لأجيالنا القادمة فقد استهلكنا الكثير من الثروات بعضها ذهب مهدوراً في أياد غير أمينة من بعض أبناء الوطن وبعضها ذهب أدراج الرياح في مشاريع متعثرة وهمية وتجاوزات أو استغلال للمال العام... عند من لم يرع حق الأمانة فآثر أن يجمع المال على حساب ضياع الحقوق. إن في كلمة المليك المفدى حكمة...تعد بمثابة ميثاق للتخطيط والاستثمار لحقوق الأجيال القادمة التي نخشى عليها فمن حقها أن يكون لها نصيب في الثروة وحصة فيما أفاض الله به من خير عميم على هذه البلاد...وليس من العقل والمنطق استغلاله واستهلاكه في هذه الحقبة من الزمن لتندب الأجيال القادمة حظها على ضياعه فتعاني في الزمن الصعب...إن قول الملك يذكرنا ويعيدنا إلى قصة يوسف عليه السلام ورؤيا الملك للبقرات السمان..الذي تمخض عن تفسير كان منهجاً رائعاً وخطةً استراتيجية للسنوات القادمة..فهل نستوعب الأمر؟ إننا لا ندرك ما يمكن أن يحصل في المستقبل ولا بد من التخطيط لذلك باستثمار عاجل للأجيال القادمة تواجه به أي تعثر في الدخول أو تغييرات في مصادر الطاقة أو اكتشاف بدائل لها...إن من الحكمة توجيه الملك اليوم بوقف التنقيب إذ يكفي ما جناه جيل اليوم بعد أن أخفق نفر منهم في حسن استغلاله ولا بد من الادخار للأجيال القادمة وأما البشرى التي زفها القائد لطلبته ولشعبه والعالم فهي (أن البلد بخير) ولا بد من ترجمة كل مسؤول لهذه البشرى ليطمئن الناس ويحسوا بأثر ذلك فليس ثمة حاجة لإرهاق المواطن والتضييق عليه برفع تعرفة أو رسوم أو زيادة مصاريف تثقل كاهله وترهقه... ومرة أخرى فإن حديث الملك للمبتعثين لفته حانية ولغة جديدة تؤكد حرص هذا القائد على بناء الجيل القادم وتسليحه بالتعليم فقد شهد عهده إعادة انطلاق الابتعاث لضخ دماء شابة متعلمة متفوقة في جسد الوطن....وتوجيه الملك وأمره يفترض أن يكون بمثابة منهج عمل وصناعة تفكير إبداعي في مستقبل التخطيط لهذا البلد..يسير على هدي منها كافة المسؤولين وهذه الصناعة تقتضي التفكير بأسلوب مختلف ومراعاة حقوق ومستقبل الأجيال القادمة التي من حقها علينا أن نعمل لها شيئاً فإن لم نستطع فعلى الأقل ندخر شيئاً تواجه به زمانها فلعلها تحسن التعامل مع المدخرات. دوحة الشعر: وكيف يطيب العيش إن لم تكن به حنون..تساقيني كؤوس حنان.