قال الضَمِير المُتَكَلِّم: في ظلّ فوضى الفتاوى؛ صدقوني أعزائي بإمكاني أن أتقمص دور مفتي زمانه، ووحيد عصره ومكانه؛ مستعيناً بأصحابي النّجَباء من علماء اللغة (سِيْبويه باشا، ونِفْطَوَيْه أفندي، والِحِكمَتيار ابن مالك)؛ وعلى مذهبهم قَد أرفع الفتوى بضمة رِضَاعَة، وربما أجرّهَا بكسرة ينبعاوية، وقد أنصبها على لغة من ينتظر برامج التمويل البنكية الشرعية ؛ المهم أنا مفْتٍ وصوري تتناقلها وسائل الإعلام حتى لو هَذيت أو خَرّفْتُ بأي كلام يا عبدالسلام!! أنا مفتٍ لأن الفتوى هذه الأيام سهلة؛ فمشاكل الأمة كلها – ولله الحمد – قد حُلّت وكله تمام؛ فلم يبق إلا إيقاد نار الفتوى وأسلحتها الخفيفة مِن سِبّ وشَتم، وطَرد لسوق الخُضار حول الفَرْعِيَات والهوامش كالأغاني للأصفهاني، وخَطف الحليب من فَم الصغير ومَنحه للكبير!! أحبائي الفتوى اليوم قد تناست الأمور المفصلية في حياة الإنسان وأغفلت هموم المواطن؛ فأين الفتوى من محاربة بنوكٍ تمتص دماء الناس بقروض وتمويلات وبطاقات ائتمانية فوائدها أكثر من الرّبا الصريح؟! أين الفتوى من تجارٍ وهوامير يتلاعبون في الأسعار كيفما شاءوا دون حسيب أو رقيب؟! أين الفتوى من الحكم في قضايا مساكين يموتون وهم ينتظرون المواعيد في المستشفيات؟! لماذا لا تتحدث الفتوى وتصدر أحكامها الصارمة على من يقتلون البشر بأخطائهم داخل غُرَف العمليات؟! أين الفتوى من مسئولين ينهبون المال العام ويطيرون فوق السحاب؟! لماذا تناست الفتوى مواطنين من الفقر يتسولون وهم في أغنى البلدان يعيشون؟! ولماذا تتجاهل الفتوى أمور البطالة، وما يتعرض له النساء من جور وظلم؟! رباه لماذا؟ ولماذا؟ أخيراً لماذا ابتعدت الفتوى عن ملامسة حياة الناس، والشعور بنبضهم؟! ولماذا تخلت عن أمور الجوهر وتمسكت بالمظهر؟! لماذا أصبحت الفتوى تبحث عن الإثارة، مطبقة المقولة الفنية (الجمهور عَاوز كدّه؟! ومن هو المفتي الشيخ أم وسائل الإعلام)! (كلّ فتوى وأنتم بخير)، ألقاكم بخير والضمائر متكلمة. فاكس: 048427595 [email protected]