يوم الخميس 24 حزيران، نشر وزير الخارجية الصهيوني ملخص خطته لإنهاء الصراع على هيئة مقال في صحيفة جيروساليم بوست، وكان أهم ما فيها قوله إن بقاء فلسطينيي عام 48 كمواطنين في الدولة اليهودية يعني قيام دولتين، واحدة فلسطينية وأخرى ثنائية القومية، والحل برأيه هو تبادل للأراضي يُنقل بموجبه فلسطينيو 48 إلى الدولة الفلسطينية. سيقول بعضهم إن هذا كلام وزير متطرف لا يعبر عن رأي الحكومة الإسرائيلية، وهو كلام هدفه التهرب من الواقع، ونرد بأن هذا الرأي ليس جديدا بحال، إذ سبق أن طرحته زعيمة حزب كاديما «المعتدلة» تسيبي ليفني، كما أنه كامن في إصرار نتنياهو على اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية. وإذا كان رأي الفريق الصهيوني المذكور قد بات معروفا فيما يتصل بملف القدسالشرقية على وجه التحديد، «عاصمة إسرائيل بحسب نتنياهو»، وهو ذاته رأي من تبقى من قيادات الدولة، من بيريس إلى باراك، فسيكون السؤال هو: عن أية تسوية يحدثنا الرئيس محمود عباس، ورئيس وزرائه السيد سلام فياض، وأية دولة تلك التي يبشرنا الأخير بقيامها في آب من العام المقبل، وأية ثوابت تبقى في جعبة السيد الرئيس؟! قد يبدو كلام ليبرمان عاديا بالنسبة للبعض، إذ لا مشكلة في أن يغدو فلسطينيو عام 48 مواطنين في الدولة الفلسطينية ما داموا سيبقون في أراضيهم، بخاصة في الجليل والمثلث، لكن المصيبة أنها ستمنح للفلسطينيين مقابل مناطق أكثر أهمية في الضفة الغربية، كما أن آخرين من بينهم سيكونون مهددين بالترحيل، وهم كذلك منذ الآن، كما هو حال سكان القدسالشرقية. الأهم من ذلك أن هذا المشروع ينطوي على تأكيد لا لبس فيه على أن قضية عودة اللاجئين إلى الأراضي المحتلة عام 48 ليست واردة بأي حال. وإذا تذكرنا الموقف السياسي المتعلق بقضية القدس، والذي سبق أن أفشل مفاوضات كامب ديفيد صيف العام 2000، وكذلك المفاوضات مع أولمرت، فهذا يعني أن أيا من قضايا التسوية الرئيسة لن تُحل، خصوصا أن ملامح المعروض في القضايا الأخرى أكثر من سيئ (الأرض، السيادة، المستوطنات التي ستبقى أكبرها تحت بند تبادل الأراضي). سيقولون إن هذا هو الموقف الإسرائيلي ونحن نرفضه، ومعنا القرارات الدولية، ونرد أن كل القرارات الدولية لم تعد ذات صلة بعدما أقرّ القوم منذ أوسلو بشرعية ما ينتج عن التفاوض وليس القرارات الدولية، أما الرفض فيحتاج إلى أدوات ضغط، في حين لا يملك الطرف الفلسطيني أيا منها، فضلا عن الانحياز الأمريكي والغربي للهواجس الإسرائيلية. الحل الذي تفتقت عنه العقلية الإسرائيلية هو أن يتجسد هذا الحل على الأرض من دون اضطرار الطرف الفلسطيني إلى التنازل المعلن عن شيء (طبعا سوى 78 في المئة من فلسطين)، إذ أن النزاع سيبقى قائما، ولكن من دون أي شكل من أشكال العنف. بالتدريج ستكون هناك شبه دولة على ما يتركه الجدار من الضفة الغربية، وهي ستبقى في نزاع حدودي مع جارتها العبرية. هذه هي الدولة المؤقتة، وهذا هو السلام الاقتصادي، وهذا هو الحل الانتقالي بعيد المدى، وهو حل سيتيح لقادة الدولة العتيدة أن يتمتعوا ويمتعوا أشياعهم بمميزات الدولة، مع حقهم في القول إنهم لم يتنازلوا عن الثوابت. ربما لن يصل الحال في المرحلة الأولى إلى تجسيد كلام ليبرمان المشار إليه، لكنه في مرحلة لاحقة سيكون ممكنا بحسب ما يعتقد آباء الصهاينة، لكن ذلك لن يمر بحال، حتى لو مرت مراحله الأولى بسطوة القمع في الداخل ودعم الخارج بكل قواه، ومن ضمنه الوضع العربي البائس. لن يمر، لأن الشعب الفلسطيني العظيم سيرفضه بكل إباء، كما أن مغامرات العدو في القدس والأقصى لن تلبث أن تفجر الوضع من جديد رغم أنف الجنرال دايتون وتوني بلير، وكل المتواطئين مع هذا المشروع الرخيص.