تعد تقنية الفيس بوك (1) تطورًا جديدًا للتقنية النصية، وبرغم جدتها إلا أن الشاعر السعودي قد حاول الاقتراب منها سواء عن طريق طرح نصوصه الشعرية عبر هذا الموقع، وهو اتجاه يتزايد عند الشعراء على مختلف توجهاتهم الشعرية، لكننا نتجاوز ذلك للوقوف على تجربة بناء النص على تقنية (الفيس بوك) في نموذج واحد حاول معه الشاعر أن يفيد من طاقة التقنية إلى أقصى مدى؛ حيث نرى عند الشاعر أحمد الواصل (2) نصًا سعى فيه إلى المقاربة بين هذه التقنية والعمل الشعري؛ إذ صور في نصه القادم حركة الكتابة والتواصل المعاصر على تقنية (الفيس بوك)، وسنعرض تجربته النصية، ثم نقف لتحليلها وإبداء الرأي حولها، يقول في نص عنوانه (قلبي face book): النص: صباحك سعيد / لا / صباحك جديد /عيسى معجب بهذا / فريد علق على هذا / الأصدقاء غابوا/ صديق يضيف مقولة لنيتشه/ وآخر فيديو أغنية لعبدالحليم حافظ/ «لا تتركوا البلد!» / دعوة الجيل الصاعد، وطلبات لم أذكرها / هدى مونو، وصديق مشترك/ الكويتي، عيدية رمضان/ ابن البلد، اسمك حسب الفواكه../ حبيبي لا أجدك / رسالة الجوال تذهب ولا تجيب / واتصال الجوال يجري ولا تجيب / في البيت لا أدري / في العمل لا أدري / تركت لك: صباحك سعيد وجديد / منذ دقيقة / عيسى معجب بهذا / فريد علق على هذا / أضاف خالد صورة في سيناء / ونديم في كندا / ومنيرة تعلق على صورتي / وأنت لم تذكرني يومًا../ لاعبو رياضة يحتفلون / وفتيات يجتمعون على صفحة تامر حسني / وجيش توحد في صفحة: كن معجبًا / أهذا أنت بيني وبينك / تأكيد؟ / ولا إضافة! /.. /.. / «مذبحة تكساس-شينسو» / كيف أنام بعد هذا الفيلم / مسائي جديد / عيسى معجب بهذا / فريد علق على هذا / أغسطس 2009 (3). أيّما كان تقويمنا النقدي لهذه التجربة قبولًا أو رفضًا على مستوى الفنية إلا أنها تكشف لنا أن التناول الشعري قد خطا في اتجاهات بعيدة في التعاطي مع التقنية، وفي إطار التوظيف الذي رأيناه في النص تأتي التقنية جزءًا من تكوين العمل، فتأتي منبثة في لغته وأدائه النصي بصورة مباشرة. الشاعر يقدم هنا صورة كلّية لملامح التلاقي الإبداعي على شبكة (الفيس بوك)، بلغة شعرية تسجيلية هي ذات اللغة التي تستخدم في التواصل مع هذه التقنية، وبصور لا ينقصها إلا الصور الضوئية التي ألمح إلى وجودها: (أضاف خالد صورة في سيناء ومنيرة تعلق على صورتي) وكأن الشاعر أراد أن يسجل تلك الغائيات شعرًا. وأول ملاحظة على النص هو فقدانه الرواء الشعري الذي يميز الشعر عن غيره. وهو رواء ليس ترفيًا، كما أنه لا يرتبط بالضرورة بالإيقاع، بل هو ما به يكون الشعر شعرًا، وهو ما يجعل النقاد يحتفون ببعض نصوص قصيدة النثر، ويدفعون بها إلى وهج الشاعرية المؤثرة لما فيها من صدمات شعرية لافتة، وإيقاعات داخلية تدفعك إلى منطقة الإدهاش الشعرية. إن مثل هذا النص لأحمد الواصل قد يفاد منه في تسجيل حركة ومساقات أدائية التجربة على هذه التقنية، لكن ذلك قد جاء على حساب فنيات الشعر المعتبرة. ومن وجهة نظري أنه حتى الموسيقى الداخلية لقصيدة النثر تكاد تخفت هنا. وباستثناء الالتقاط للموضوع، واختيار العنوان نجد أن المعالجة الشعرية في عمومها تسجيلية، تفتقد إلى العمق الفني والرواء الشعري. ولعلي أشير هنا إلى أن شعراء قصيدة النثر (4) في السعودية قد اتجهوا بتجربتهم الشعرية باتجاه التقنية المتطورة بشكل لافت، فأقبلوا على نسج تجاربهم الشعرية على التقنيات الجديدة، وأتاحت لهم الوسائط المتعددة عدة مخارج لتطوير آلاتهم الشعرية، وأدواتهم الفنية، فرأينا الشعراء يتسابقون إلى إنزال نصوصهم الشعرية مدعمة بالتقنيات الصوتية والصورية وغيرها من المؤثرات المختلفة، الأمر الذي أعطى نص قصيدة النثر بعدًا جديدًا أحسب أنه مهم في إعادة علاقة النص مع المتلقي (5). الهوامش: (1) «فيس بوك «موقع على شبكة الإنترنت للتواصل الاجتماعي «،انظر ويكبيديا الموسوعة الحرة: http://ar.wikipedia.org/wiki (2) شاعر سعودي له عدة مجموعات شعرية مطبوعة منها: (هشيم، مهلة الفزع، تمائم، أهوال الصحو). http://sn103w.snt103.mail.live.com (3) انظر من مراجع قصيدة النثر في المملكة العربية السعودية: عبدالله أبو هيف، الحداثة في الشعر السعودي قصيدة سعد الحميدين أنموذجًا، الطبعة الأولى ( بيروت،الدارالبيضاء: المركز الثقافي العربي،2002م. وعلوي الهاشمي، ظاهرة التعالق النصي في الشعر السعودي الحديث (مؤسسة اليمامة الصحفية،الرياض، 1418ه). (4) من ذلك أنموذج نصوص مي كتبي على تقنية اليوتيوب باستخدام الصوت والصورة والكلمة كنصها عن رفيق الحريري.انظر الرابط التالي:http://www.youtube.com يتبع/ قصيدة النثر والبطاقات الشعرية ( poetry cards) (*) أكاديمي. عضو مجلس إدارة أدبي أبها