إعلان البيت الأبيض عشية زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن ولقائه المرتقب غدًا بالرئيس الأمريكي باراك أوباما عن وجود تقدم في المفاوضات غير المباشرة ينطوي على قدر كبير من الغموض والغرابة، وهو ما عبرت عنه السلطة الفلسطينية بمسارعتها نفي ذلك، ومطالبة الإدارة الأمريكية بإيضاحات حول هذا التقدم المزعوم. ما يزيد من غرابة الموقف وضبابيته إزاء هذا الموضوع ما أعلنه المبعوث الأمريكي جورج ميتشل خلال زيارته الأخيرة للمنطقة بأن إسرائيل تطالب بالانتقال إلى مرحلة المفاوضات المباشرة، يتناقض كلية مع تصريحات صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية التي أدلى بها أمس لإذاعة صوت فلسطين والتي حمل فيها إسرائيل مسؤولية عرقلة المفاوضات المباشرة، بما يوحي مسبقًا بأن السلطة الفلسطينية ليس لديها مانع في استئناف المفاوضات المباشرة، رغم أن الجامعة العربية ربطت الانتقال إلى تلك المرحلة بمدى ما يتحقق من نتائج على صعيد المفاوضات غير المباشرة خلال مدة الأشهر الأربعة التي حددتها لتلك المفاوضات والتي قاربت على الانتهاء دون تحقيق نتيجة تذكر فيما يتعلق بالحدود النهائية للدولة الفلسطينية المرتقبة وقضية الأمن. نتنياهو الذي يتوجه إلى واشنطن غدًا للقاء الرئيس أوباما للمرة الخامسة استبق تلك الزيارة بإقرار حزب الليكود مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية بعد انتهاء فترة التجميد الجزئي الذي ينتهي في 26 سبتمبر المقبل بما يعتبر إشارة واضحة للإدارة الأمريكية بأن الاستيطان خط أحمر غير قابل للمساس أو النقاش، وأن ما تردد حول نية الرئيس أوباما مطالبته بتجديد التجميد مرة أخرى لن يكون مثارًا للنقاش بينهما. السلطة الفلسطينية مطالبة باتخاذ موقف واضح وحازم إزاء أسلوب المراوغة والاحتيال الذي تتبعه حكومة نتنياهو المتطرفة، وأن يعكس هذا الموقف الإرادة السياسية للشعب الفلسطيني وثوابته الوطنية، وأن أي اقتراحات أو مبادرات جديدة عدا تلك الموجودة فعليًا على الساحة من شأنها إضفاء المزيد من التعقيد الذي وصلت إليه القضية، عدا أنه لا يمكن أن يقدم بديلاً للمبادرات والمرجعيات التي تحكم عملية السلام وتضبط مسارها الصحيح، وفي مقدمتها المبادرة العربية للسلام.