على الرغم من تواضع حجم مشار كات الأفلام السينمائية السعودية في مهرجان دبي السينمائي، مقارنة بغيره من المهرجانات، إذ لم تتجاوز المشاركات السعودية فيه ال 5 مشاركات فقط، منذ أن بدأ المهرجان دورته الأولى، والتي انطلقت قبل سبع سنوات، إلاّ أن المشاركات السعودية استطاعت أن تحضر، بالرغم من أن أغوار الكرنفال السينمائي 2010 ممثلا في دورته السابعة لم تسبر بعد، وبرغم أنه سينطلق خلال الفترة من 12 إلى 19 من شهر ديسمبر المقبل. في هذه الأثناء لا يزال استقبال طلبات الاشتراك قائمًا منذ أن بدأت من شهر مايو الماضي، لتتواصل مرحلة قبول الطلبات حتى الأول من أغسطس المقبل. الجدير بالذكر أن الدورة الأولى والتي انطلقت عام 2004 تواصلت حتى الدورة السادسة السابقة للملتقى عام 2009، والتي استقبلت 127 طلب اشتراك من المخرجين العرب ومن مختلف أنحاء العالم. وجاءت مشاركة المملكة فيه يتيمة بفيلم واحد هو “شروق غروب” للمخرج السعودي محمد الظاهري والذي فاز فيها بجائزة لجنة تحكيم الاتحاد الدولي لنقاد السينما (فيبرسكي) كأفضل فيلم قصير، وبهذا يكون الظاهري قد أضاف منجزًا سينمائيًا سعوديًا كان قد سبقه فيه المخرج السعودي عبدالله آل عياف في دورتي المهرجان السابقتين عامي 2007 و 2008 من خلال فيليمه “إطار” و “مطر”، إضافة إلى مشاركتين سابقتين شملتا فيلمي “ظلال الصمت” للمخرج السعودي عبدالله المحيسن، إلى مشاركة المخرجة السينمائية السعودية عهد كامل بفيلمها “القدرنجي”. وبما يضاف إلى المهرجان في دورته الجديدة يكون قد حققّ المنجز السعودي -وبرغم تواضعه وغياب مقومات الصناعة السينمائية محليًا- رقمًا قياسيًا جديدًا، استطاع فيه أن يتخطى جميع الأرقام السابقة. هذا ووفق الإحصاءات والتي أشار إليها موقع المهرجان، لوحظ ازدياد نسبة عدد الأفلام المشاركة، والتي لم تكن تتجاوز ال 76 فيلمًا في عام 2004، وهي أول دورة للمهرجان، ليتزايد العدد بشكل مطّرد، ليصل في دورة المهرجان الخامسة إلى 181 فيلما مشاركا، فيما أشار الموقع إلى مشاركة 24 دولة في دورة المهرجان الأولى، ليقفز الرقم إلى 66 دولة مشاركة في دورة المهرجان الخامسة. كما أشارت الإحصاءات إلى عدد الجمهور والذي تجاوز في الدورة الخامسة أيضًا ضعف العدد في بداية دورة المهرجان، والذي سجل الموقع إحصائية الحضور في الدورة الأولى على 22176 متفرجًا، قبل أن يشير الموقع إلى العدد المهول للدول المشاركة في المهرجان في دورته الخامسة، والذي قارب عدد الحضور فيها ال 47438، إزاء مشاركة 27 دولة في دورة المهرجان الأولى، مقابل 66 دولة في الدورة الخامسة للمهرجان (عام 2008). وحظى المهرجان (بحسب ما أشار الموقع أيضًا) بشعبية كبيرة لدى عالم الإعلام والصحافة، حيث قفز رقم الصحفيين وممثلي وسائل الإعلام إجمالًا إلى 1165 في دورة المهرجان الخامسة، مقارنة بمشاركة 450 ممثلا إعلاميا في مستهل دورات المهرجان، فيما لم يسجل الموقع أي إحصاءات رقمية دقيقة للدورة السادسة للعام الماضي 2009. ومما تجدر الإشارة إليه حول كل ما يتعلق بالمهرجان بشكل عام والمسابقات المصاحبة له ومعايير اختيار الأفلام المشاركة وما يتعلق بأمور المهرجان، كل ذلك موجود على الموقع: www.dubaifilm.com انحصار الأفلام السعودية رغم وصول عدد الأفلام السعودية للمئات، إلا أنه يلاحظ انحصار عدد الأفلام السعودية المقبولة في مهرجان عالمي مثل مهرجان دبي السينمائي هذا العام، حيث لم تزد عدد الأفلام السعودية عن خمسة أفلام فقط، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا الآن يتمثّل في ماهية المسوغ وراء قلة الأفلام السعودية المشاركة في هذا المهرجان بالذات، مقارنةً بنظيرها من الأفلام في مهرجانات أخرى، ومنها مهرجان الخليج السينمائي على سبيل المثال؟!. المشاركات الشرسة بداية ألمح المخرج السينمائي عبدالله آل عياف إلى أن كثرة الدول المشاركة، تضع المخرج السعودي بشكل عام في تحدٍ أمام ما يُقدم من العديد من تلك الدول التي تمتلك مقومات صناعة حديثة، ويشير بالقول: لا شك أنه كلما كان المهرجان السينمائي أعرق أو أشهر.. كلما كان الدخول فيه أصعب.. ومهرجان دبي السينمائي الدولي استطاع -رغم حداثته مقارنة بمهرجانات كثيرة حولنا- أن يضع اسمه كأحد أهم المهرجانات العالمية على الخريطة السينمائية، فعشرات وربما مئات الآلاف من الأفلام تُرسل للمهرجان من كل أنحاء العالم، مما يجعل المنافسة فيه صعبة جدًا، وللعلم فإن مجرد اختيار المهرجان لفيلمٍ ما وقبوله هو علامة على تميّز الفيلم، لكنه لا يعني عدم جودة تلك الأفلام التي لم تُقبل، فصحيح أن عدد الأفلام السعودية قليلة، وأذكر منها فيلم “ظلال الصمت” لعبدالله المحيسن و“شروق غروب” لمحمد الظاهري و “القندرجي” لعهد كامل و “إطار” و “مطر” واللذين سبق وأن شاركت بهما في دورات المهرجان السابقة، إلا أني أرى أن هنالك نسبة وتناسبًا جيدين مقارنة بعدد الأفلام الخليجية الأخرى المشاركة، بالنظر لحداثة التجربة السعودية، وكون كثير من الأفلام السعودية مجرد تجارب أولى لصانعيها. ويشير آل عياف إلى أن هذا الأمر يحدث حتى في المحافل السينمائية الكبرى، كمهرجان “كان” مثلًا والذي تشارك فيه دول عريقة سينمائيًا كفرنسا وإيطاليا وروسيا والولايات المتحدةالأمريكية بفيلم أو فيلمين على الأكثر لشراسة المشاركة. التاريخ السينمائي إلى ذلك أشار المخرج السينمائي محمد الظاهري إلى أن صبغة مهرجان الخليج والتي تعنى إجمالًا بالتجارب الخليجية، جعلت العديد من الدول العربية، والتي تمتلك مقومات سينمائية، تتجه بقوة إلى مهرجان دبي، مضيفا بقوله: مهرجان دبي استطاع في سنوات قليلة أن يُكسب له مكانة متميزة في قائمة المهرجانات التي تقام في الوطن العربي، ولا شك أنه الآن هو من بين الأهم.. إن لم يكن الأهم، ولكون المهرجان يقيم مسابقة عربية وآسيوية وليست مقصورة على السينما الخليجية، فهذا سيجعل المنافسة على قبول الفيلم للمشاركة أكثر صعوبة، كون عدد كبير من الأفلام المرسلة للمهرجان تأتي من دول لديها تاريخ سينمائي طويل وعريق، كما في مصر والمغرب العربي. وأوضح الظاهري أنه كلما زادت عدد الدول المسموح لها المشاركة في مهرجانٍ ما، فإن فرص مشاركة السينمات المحلية تقل بشكل كبير، وهذا هو الحال في مهرجان دبي، فالمشارك الخليجي سيجد صعوبة في منافسة مثل تلك الأعمال القادمة من دول لا يسمح لها المشاركة في مهرجان إقليمي، مثل مهرجان الخليج. وهذه الصعوبة تكاد تكون متساوية لجميع المخرجين في الخليج، ورغم ذلك فأعتقد أن مشاركة أفلام سعودية في المسابقة الرسمية للمهرجان هو إنجاز كبير، ويعبّر دون شك عن تطور تشهده السعودية على صعيد الأفلام القصيرة. الطفولة الخليجية من جانبها اكتفت المخرجة السينمائية عهد كامل بالقول: أنا في رأيي أن هناك عوامل عديدة تحدّد انتقاء الأفلام في أي مهرجان، وفي حالة مهرجان دبي؛ فالمنافسة أقوى لأن الاشتراك فيه مفتوح لجميع الدول العربية، وكما نعلم أن السينما السعودية وأيضًا الخليجية، ما زالت في طفولتها مقارنة بباقي الدول العربية، كون أن لدينا 5 أفلام سبق لها المشاركة في مهرجان دبي فهذا إنجاز بحد ذاته. أفلام شاركت بالمهرجان فيما يلي استعراض للأفلام السينمائية السعودية التي سبق وأن شاركت في مهرجان دبي السينمائي خلال دوراته الماضية، وهذه الأفلام هي: “القدرنجي” للمخرجة عهد كامل.. وحكايته مع الإسكافي العراقي (صابر) الذي خرج من سجن القوات الأمريكية بعد سنتين من الأسر، مُحملًا بعبء نفسي رهيب لم يستطع أن يخفيه حتى عن زوجته والتي لا تعلم أن من جاءها ليس إلا حطامًا وظلالًا هشة لرجلها السابق. وفي هذا الفيلم تقدم مخرجته عهد كامل هذه المشاعر النفسيّة بأسلوب بسيط وعميق. الفيلم بطولة الممثل المصري عمرو واكد، كما لفتت المخرجة كامل الانتباه -كممثلة-، حيث شاركت في الفيلم بأدائها المميز، وجسّدت دور الزوجة المكلومة الحائرة بين شعور السعادة بعودة هيكل زوجها وشعور بالحزن والغضب من الواقع المرّ الذي أفقدها روح الحبيب. “شروق غروب” هو فيلم روائي صامت دون حوارات مباشرة، من إخراج محمد الظاهري، وتم تصويره ما بين شوارع وسط الرياض الشعبية وداخل جناح فندق متواضع تم إعادة تهيئته إلى شقة سكنية متواضعة، وذلك بميزانية بسيطة ومتواضعة جدًا. ويحكي “شروق غروب” حياة صبي من مستويات اجتماعية متدنية، وتدور أحداث الفيلم ليقدم انتهاكات حقوقية للطفل، يتم تحجيمها من قبل الرأي العام، وغض الطرف عنها أو معالجتها معالجة خاطئة على ثلاثة مستويات، تتلخص في المستويات الاجتماعية والتعليمية والأمنية. “مطر” شاب وطفل لا شيء يربط بينهما أو هكذا يظنان.. يفقد أحدهما شيئًا عزيزًا.. بينما يستعيد الآخر شيئًا فقده منذ زمن.. وبينهما للمطر حاسة. “عبدالله” شاب يتعرّض لموقف عصيب يكاد يفقد فيه شيئًا عزيزًا عليه جدًا، يهزّه الموقف فيبدأ بمراجعة بعض الحسابات لديه قبل فوات الأوان. في نفس اللحظات، يستعيد الطفل (إبراهيم) ما فقده منذ سنوات ولم يعد يظن أنه سيستعيده مرة أخرى. تم تصوير الفيلم في المنطقة الشرقية بمدينتي الخبر والدمام، وهو من إخراج عبدالله آل عياف واستغرق تصويره ما يقارب الأسبوع والتحرير أسبوعًا آخر. “إطار” “إطار”.. فيلم روائي، أيضًا للمخرج عبدالله آل عياف، حمل مبدأ ينص على “كل منا يمتلك ذكريات.. أما هو فذكرياته تمتلكه إطار.. صورة ورجل بينهما”، ودارت قصته حول شخص واحد فقط وهو الذي اكتشف أنه كان يعيش فقط ذكريات سيئة والصور القديمة، وإنه توقّف عن الذين يعيشون عادة وقت طويل الذهاب.. اليوم قد يكون اليوم عندما يبدأ شيء جديد. الفيلم من تمثيل طارق الخواجي وحسام الحلوة وخالد الشمري. “ظلال” فيلم روائي طويل للمخرج عبدالله المحيسن، تنطلق الأحداث فيه من مشهد مصوّر لمداهمة من المداهمات لبعض الأحياء الشعبية، يتم فيه استدراج الكاتب الروائي بديع مراد للنزول من المعهد لتخليصه من توتر أصابه على إثر نشره رواية جديدة دُفِع إلى تحويرها على نحو لم يكن يرضاه، وبناء على وقائع هذا الاستدراج، وعلى الشخصيات الفاعلة في مسار الأحداث. وينطلق الفيلم انطلاقته الحاسمة من تفتيش أهوج لمنزل بديع مراد بحثًا عن رسالة تركها لزوجته سميرة يخبرها فيها بأنه ذهب إلى المعهد للإقامة فيه، وعندها تحاول سميرة جاهدة منع زوجها من الوقوع في ما وقع فيه، وتشرع في التحرك للوصول إليه وتخليصه. تدور أحداث الفيلم بالتعرّف على عمر، شاب يملك محلًا لبيع القماش، والبروفيسور حمود، بالكاتب بديع كغيره من العباقرة والمفكرين.