قهوة عم سراج، أقدم قهوة في جدة لكنه يجذبنا لها بحكمته وحواره الممتع،هو دائما معصّب لكنه طيب القلب. قلت له: يا عم سراج قهوتك صارت كعبوره جداً فالكراسي متهالكة والفرش قديم والشيش مصدّيه وليّاتها مسدودة. قال لي: صدقت، وأنا أحترم النقد الهادف وأحب الانتقاد البناء، لذلك أنا اعتمدت مبلغ سبعمائة وخمسين مليون ريال لتحديث الكراسي وتسعمئة وخمسة وأربعين مليون ريال لتوريد شيش جديدة وخمسمائة وثلاثين مليون ريال لتأمين رؤوس شيشة جديدة وألفا وثلاثمائة مليون ريال لتسليك الليّات (اكبر مبلغ لأنه يحب تسليك الأمور) واعتمدت سبعمائة و اربعين مليون ريال لشراء براريد شاهي أما فناجين الشاهي فخصصت لها ستمائة مليون ريال. وقال بطة الشاهي اعتمدت لها ثمانمئة وخمسين مليون ريال. وحأجيب عربية بحصان تنقل الزبائن بطريقة عصرية واعتمدت لها تسعمائة وأربعين مليونا وخمسمائة وثلاثة آلاف وسبعمئة وواحدا وستين ريالا وأربع عشرة هللة. قلت له: إيه يا عم سراج ؟ حتلبسنا السلطانية؟ كل هذه الأرقام الفلكية لتحديث القهوة؟ صاح في حدة: «لا تنتقد قهوة عمّك سراج! اسكت!! ولا كلمة!! ألا تقرأ في الجرايد ؟ كل يوم مليارات ومليارات ؟ ليه ما اعترضت عليها يا دغف؟». ثم قال: مش مصدق الأرقام يا فالح ؟سأعرض لك المشاريع. سأقوم بتوسعة كبيرة بهدف زيادة عدد كراسي القهوة لاستيعاب كل اعداد البطالة المتزايدة، فتعال لأريك المشروع الجديد لتوسعة القهوة،ثم صاح في وجهي قائلا: شايف الخرابة الملاصقة للقهوة ؟ لقد تعاقدتُ مع شركة استشارية فرنسية لدراسة ضمّها للقهوة.وأعدك أنه بعد ضمّ الخرابة ستكون كراسي القهوة اكثر من الكراسي العلمية للجامعة. و سأغيّر لكم مدخل القهوة ليصبح مشابهاً لمدخل برج روكفلر في نيويورك، والسطح سيتحوّل إلى شرفة مثل بلكونة جولييت في فيرونا، والباب حيتغيّر إلى حديد فوفورجيه مثل مدخل قصر الاليزيه، والبرحة قدام القهوة حتصير بالضبط زي ميدان البيكاديلي في لندن، وهذه الزاوية مثل تقاطع الكونكورد مع الشانزلزيه وفي هذا الجدار سأعلّق اللوحة المشهورة لبيكاسو لوحة المنحة الكبرى. وفي صدر المدخل حأعلّق لوحة الغيبوبة الدائمة لفان جوخ وفي الجدار اليمين لوحة للفنان مونييه مع لوحتين لرينوار وعلى اليسار لوحة خصوصية التجربة لسلفادور دالي وحأجيب لكم تمثال الصمت لهنري مور وجدارية كبيرة للفنان غاودي،مفارش القهوة من أرماني والكراسي الشريط من هاروودز حتصير القهوة أشهر من قهوة الفوكيت في الشانزليزيه واجمل من قهوة كافي دو باغي.حتصير قهوة محسودة يا اخ جميل. وحتكون هذه القهوة رائدة في التكنولوجيا، تدار كلها بالكمبيوتر وسيخدم عليكم ربوت آلي من جامعة هارفرد، يعرف طلباتكم من رمشة عيونكم. أما السعودة فستكون مائة في المائة. وهناك وعد آخر لكن لن أقوله لك حتى لا يحجب مقالك يا كرنب. ثم ميّل العمامة وقال: في هذه البرحة سأبني لكم منصّة و حاستقدم لها اوركسترا برلين للفلهارومونيك وفي كل أربعاء تعزف لكم سمفونية بحيرة البجع لشايكوفسكي وكل خميس سيمفونية هبشوش التلاحم لبيتهوفن أما يوم الجمعة فيعزفون لكم إمّا كاترسيزون لفيفالدي او الدانوب الازرق لشتراوس فالاختيار لكم لأني رجل ديمقراطي محب للشورى.قلت له: «وتر بدون طرب، يا عم سراج، زي الرّز العربي بدون سمن برّي». قال: لا يا خفيف،وشنبك لأجيب لكم بافاروتي يغني كل يوم أحد أوبرا عايدة لفيردي. قلت: أنتبه لا يكون هناك اختلاط عارض، دخيلك يا عم سراج. قال: أبداً ففي الخرابة حأعمل قسما نسائيا مغلقا وتعاقدت مع المغنية المشهورة مدام كوري تغني للنساء. قلت له: يا عم سراج بتسرح بينا ؟ يا عم سراج مدام كوري هذه عالمة فيزياء، مش عالمة أفراح،ومدام كوري أصلاً ماتت من زمان.قال: اقصد بنت مدام كوري.اشمعنى أنا تقعدلي على الغلطة ؟ يعني كل ما في الجرايد صح ؟ لم نشعر بالحرّ بانقطاع الكهرباء لأننا كنا نسرح بسعادة في أحلامنا الوردية بين بيكاسو ورينوار والشانزليزيه و بيتهوفن و تشايكوفسكي.ولم نفق من أحلامنا الجميلة إلا على صوت زبون جاهل يصيح مزنوقاً من الحمام: «يا عم سراج ما أبغى سيمفونية، ابغى سيفون، المويه مقطوعة يا عم سراج، الحق جيب لنا وايت مويه، يا عم سراج و بالمرّة اطلب وايت المجاري يا عم سراج». زبون جاهل فعلاً، نحن في إيه والا في إيه؟. Jamil@Farsi Jewelry.com