برنامج إذاعي تقدمه الإذاعة السعودية «البرنامج الثاني من جدة» كل يوم سبت من الساعة 10.00 مساءً حتى الساعة 11.30 مساءً وهذا البرنامج يعرض حالات مجتمعية صعبة جدا بعضها يحتاج إلى حلول عاجلة لا يحتمل التأخير لبعض الأسر الواقعة تحت خط الفقر بكثير. هذا البرنامج القصير في وقته الكبير في طرحه ومداولاته يمس حياة شريحة من المجتمع بطول البلاد وعرضها، ويدلل بصورة واضحة على تراجع مفهوم التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع. والسؤال الذي تبادر إلى ذهني عند سماع حلقة ذلك البرنامج والتي كانت تدور محاورها حول قضايا الأرامل والمطلقات وكافلات الأيتام الفقيرات اللاتي هن في أمس الحاجة إلى خدمات جهات الرعاية والخدمات الاجتماعية في بلادنا، وهي الجهة الحكومية ذات المسؤولية المباشرة تجاه هؤلاء المعوزين، إضافة إلى مسؤولية أفراد المجتمع وموسريه تجاه الأقارب، والأصدقاء، وكل من تربطهم بهؤلاء أية علاقة بسبب الرحم أو بحكم الجوار أو خلافهما.. وكل ذلك يظهر لنا أن هناك مشكلة تحتاج إلى حلول؛ ولكن قبل ذلك لنا أن نتساءل: أين تكمن المشكلة؟ ومن المسؤول عن رعاية هؤلاء المحتاجين؟ والمشكلة بكل بساطة هي: أن هناك الكثير من الأسر الفقيرة من أصحاب الدخل المحدود، أو من الأرامل المثقلين بالأيتام، والمطلقات اللاتي يكفلن العديد من الأطفال الصغار، هؤلاء النساء القابعات في بيوتهن يتعففن عن السؤال أو طلب الأموال من الآخرين.. حتى وإن وصلن للضمان الاجتماعي ومعطياته (التي قد لا تسمن ولا تغني من جوع) لا يجدون منها إلا الفتات من المساعدات، ولكنها كما يقولون بالكاد تسد رمقهم، ولكن لا تفي بكل احتياجاتهم ومتطلباتهم لمواجهة قسوة الحياة في أوضاع معيشية صعبة جدا يكتنفها الغلاء من كل مكان، فكل شيء زاد وارتفع، خاصة المتطلبات المعيشية اليومية من مأكل ومشرب إضافة للخدمات الأساسية التي تحتاجها كل أسرة. إذاً من المسؤول عن حل هذه المشكلة التي تكتنف الكثير من المستورين خلف جدران البيوت ولا يشكون همهم وقلة حيلتهم سوى إلى الله سبحانه وتعالى؟ وعلى منْ تلقى المسؤولية ؟ على وزارة الشؤون الاجتماعية وما يتبعها من مرافق وإدارات في أرجاء البلاد، أم على إمارات المناطق وما يتبعها من محافظات ومراكز وقرى وهجر، أم على المجالس البلدية ،أو مجالس الأحياء، أو على الجمعيات الخيرية وما تقدمه من أعمال جليلة ولكنها قاصرة لضعف مواردها المالية، أم أنها أزمة مجتمع حيث افتقدنا للكثير من صور التكافل والصفات الحميدة في البحث عن الفقراء، والمحتاجين، والمتعففين القابعين في بيوتهم يمنعهم الحياء من السؤال وطلب العون والمساعدة؟ ونحن نقول: لماذا لا يسند هذا الأمر لمحافظي المحافظات، ومديري المراكز، والشباب النشط في القرى والهجر، والذين يعرفون سكانها وأحوالهم ويساهمون بشكل فاعل في البحث عن هؤلاء المحتاجين، ورفع أسمائهم للجهات المعنية في الدولة لإيصال المعونات المالية والعينية لهم؟ لماذا لا يقوم الأفراد بدورهم الحقيقي في تحسس أحوال الناس من حولهم خاصة الفقراء من:الأقرباء، والأرامل، والأيتام، والمطلقات، الذين هم في مسيس الحاجة لهذه المعونات لاسيما وأنهم يفتقرون للعائل الذي يرعى شؤونهم ويتفقد أحوالهم البائسة. إذاً على من تقع المسؤولية؟ هل هي مسؤولية مؤسسات الدولة؟ أم مسؤولية أفراد؟ أو مجتمع؟ في البحث عن هؤلاء ومساعدتهم مع حفظ كراماتهم وعزة نفوسهم من ذل السؤال؟ إنها مسؤولية الجميع في رفع المعاناة عن المحتاجين تقربا إلى الله في العطاء، وأن يقدم كل فرد لكل من يعرف: محتاجا أو فقيرا أو صاحب حاجة في أن يرعاه ولو باليسير تكفلا وبدون منٍ أو أذى وأن يصله ويتفقد أحواله، ويرعى شؤونه – قدر المستطاع – ليحفظ له كرامته ويبعده عن هوان الناس أعطوه أو منعوه. « وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربِ لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدّق وأكن من الصالحين * ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون» المنافقون (الآية 10-11).