في فترة متقاربة من الزمن، تلقيت وأنا في غربتي خارج الوطن، أنباء نزلت عليَّ كالصاعقة، أن اثنين من أقرب الناس إلى قلبي، قد فارقا دنياي إلى حياة أفضل. بدأ الخبر الأول، برحيل أخي عبدالرحمن منصوري وتبعه رحيل أخي وسيدي الشيخ أحمد صلاح جمجوم. وتربطني بهما ذكريات عزيزة غالية تترك عندي فراغاً يملؤني مرارة، لا يخفف منها إلاّ إيمان عميق، بلقاء أتطلع إليه. أما أخي الشيخ أحمد، فقد بدأت علاقتي به في بداية عملي، عندما كنت مستشاراً قانونياً لمديرية الزكاة والدخل، وكان رئيساً لها، قبل أن أنتقل لمديرية الزيت والمعادن. وعندما بدأت عملي محامياً كان ضمن نشاطي، أن كنت مستشاراً لشركة الأسمنت وكان رئيساً لمجلس إدارتها. وعندما أصبحت وزير دولة وعضواً بمجلس الوزراء أصبح وزيراً للتجارة. ورأيت في صحبته شخصيته المتميزة بالصراحة والوضوح. وكنت استمتع بمشاهدته والاستفادة منه. ولو أردت الكتابة عن فترات لقائنا، لألّفت كتاباً عنه، يروى لشبابنا كيف كان أنموذجاً للوطنية، والوقوف عند مبادئه مهما كانت العراقيل. رحمك الله يا أخي أحمد فقد كنت بعد عملك الرسمي أنموذجاً لفعل الخير ومساندة المحتاج ومساعدة الفقير. أما أخي عبدالرحمن منصوري فقد ربطتني به صداقة عميقة وصلة وثيقة فاسلوبه الفكري في تحليل الامور السياسية، يشبه كثيراً أُسلوبي. وكنا نجتمع مرة في الأسبوع الواحد، أزوره أو يزورني ونبحث على انفراد، ما يحيط بعالمنا القريب او البعيد، من أمور تفرح أو تسوء. وسأعود إن شاء الله الى جدة ولن ألقاه كما تعودت ولن أجد من يملأ حياتي كما ملآها. رحمكما الله يا أخي أحمد ويا أخي عبدالرحمن.