هناك شبه اتفاق بأن الموسيقار الراحل فريد الأطرش هو «ملك العود» الذي عاش حياته أغنية، والعود الذي كان بين يديه كان صدره.. كان مغنياً يحتضن صدره، وأوتار هذا العود لم تكن غير شرايينه وعروقه...كما وصفه أحد محبيه. ولقد ظللت أحد المعجبين بفن فريد غناء وعزفا ومازلت حتى حضرت في مايو الماضي حفلا في ساقية الصاوي في الزمالك بالقاهرة للفنان العراقي نصير شمة عزف فيها بعوده نغمات أخذت بألباب المستمعين. ونصير شمة وتر عراقي حمل معاناة شعبه وعبر عنها في مقطوعاته. وقد أسس مع الأوبرا المصرية مشروع (بيت العود العربي) لوضع مواصفات للعازف المنفرد، وأسس فرقة عيون لموسيقى التخت العربي في القاهرة. وقد أحسست وأنا أستمع إلى الرجل بأن العود الذي كان يعزف به قد امتزج بذاته فكان بمثابة البوابة التي يري من خلالها العالم. فقد كانت كل مقطوعة يعزفها، حتى تلك التي كنا نعرفها، ذات وقع مختلف يحمل شيئا ما. وقد عزف مقطوعة جديدة قال إنه لم يُسمها بعد.. ولما سمعتها كنت أود أن أصيح مقترحا عليه أن يُطلق عليها اسم (إبهار) كي تكون اسما على مُسمى. وإذا كانت حروف الكاتب تدخل العقل ورسوم الرسام تُبهر البصر فإن أنغام الفنان تدخل القلب وتدغدغ المشاعر. وقد استطاع منير شمة أن ينقلنا إلى عالمه الخاص بنقرة وتر.. فكان عالماً جميلاً بجمال عزفه وحلاوة ألحانه.