أكد السفير على بن عواض عسيري سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الجمهورية اللبنانية أن المواطنين السعوديين ينعمون بأجواء مستقرة داخل ربوع لبنان كما أن السفارة لا تألو جهدا في تقديم كل الخدمات لرعاياها من خلال فريق عمل مهمته التواصل مع الزائرين على مدار الساعة . وقال عسيرى: إن منظومة العمل الدبلوماسى السعودي ترتكز على مناهج وثوابت لا تتغيّر باختلاف المواقع أبرزها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان و تغليب المصلحة الوطنية على مصلحة الأشخاص، وعن تداعيات أحداث 11سبتمبر والصورة السلبية التى يحاول البعض الصاقها بالمجتمع السعودى قال سفير المملكة لدى الجمهورية اللبنانية : إن المساعدات الإنسانية و مساهمات الإنماء والاعمار وتنشيط الاقتصاد التى تقدمها المملكة فى كل بلد هى الجواب الأفضل على التّهم الباطلة والجسر الممهّد لتصحيح ما أدخل على أذهان الناس من مغالطات . وعن الرسالة التى أراد إيصالها من خلال كتابه الصادر عن دار اكسفورد للنشر والذى يحمل عنوان « دوْر السعودية في الحرب على الإرهاب» قال عسيري: إن الكتاب يعدّ محاولة جادّة لتصحيح المفاهيم الخاطئة السائدة في الغرب عن الاسلام والإشارة الى أن مكافحة الارهاب مسؤولية لا تقع على عاتق الدول العربية والإسلامية وحدها ، بل على عاتق المجتمع الدولي كله ، والتأكيد أيضا على أن القوة وحدها ليست حلاً إذا لم تترافق مع وضع خطط تنموية وبرامج إصلاحية .وعن الطلاب المبتعثين للدراسة بلبنان وماتقدمه السفارة من جسور خدمية لهم قال عسيري: إن هناك اتفاقيات تم ابرامها بين الملحقية الثقافية وبين الجامعات اللبنانية لاستقبال المبتعثين من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين لافتًا إلى قيام السفارة بعقد لقاءات دورية مع الطلاب لبحث مشاكلهم وكذا الاحتفال بالمتفوّقين الأكفاء منهم ، وأضاف عسيرى أن لبنان تعدّ البلد الأقرب لتوجّهات السعوديين السياحية والاقتصادية ، الأمر الذى تؤكده الأرقام فلقد احتضنت لبنان خلال العام المنصرم مايزيد على مليون سائح سعودي كما أن الاستثمارات السعودية كسرت حاجز التوقّع وارتفعت الى مايقدر ب 40% من الاستثمارات السعودية الخاصة. جاء ذلك خلال حواره مع (المدينة) .. فإلى نص الحوار . الأوضاع مستقرة * بداية .. دعنا نسأل عن الرعايا السعوديين المقيمين أو المترددين على لبنان و أبرز المشاكل التي قد يواجهونها وما هي آليات متابعتها وحلّها من قِبل السفارة؟ ** الوضع في لبنان مستقرّ على كل الأصعدة ، والمواطنون السعوديون يأتون للاصطياف أو السياحة أو العمل أو الدراسة بأعداد كبيرة ويلاقون كل التسهيلات من السلطات والمؤسسات اللبنانية وكل الرعاية من السفارة ونحن بفعل العلاقات الأخوية المميّزة بين المملكة ولبنان على تواصل دائم مع مختلف الهيئات والأجهزة اللبنانية التي تتعاون معنا بشكل كبير في حال حدوث ما يستلزم ذلك كما أن السفارة أنشأت فريقًا مهمّته متابعة وتلقي اتصالات المواطنين السعوديين على مدار الساعة والتوجّه إليهم أينما كانوا أو استقبالهم لحلّ المشكلات التي قد تعترضهم ، كما أن السفارة ستصدر خلال الفترة القادمة دليلًا صغيرًا يتضمن إرشادات هامة للسيّاح وسيكون في متناول أيديهم عند وصولهم إلى بيروت لتثقيفهم وإرشادهم لما يجب أن يتبعوه عند زيارة لبنان ويتضمن هذا الدليل معلومات عامة عن لبنان وعن بعض انظمته المتعلقة بشروط التأشيرة والإقامة والأنظمة المتعلقة بالسيارات والخدم وما شابه كما يتضمن توصيات أساسية للمواطنين السعوديين كضرورة الاحتفاظ بجوازات سفرهم وتسجيلها لدى قسم شوؤن السعوديين في السفارة إضافة الى بعض الارشادات المتعلقة بالتسوق وارتياد الفنادق والمناطق السياحية اللبنانية . وقد تمّ التفاهم مع الخطوط السعودية ويتم التفاهم حالياً مع شركات الطيران الأخرى التي تنقل ركابا من جميع مطارات المملكة إلى بيروت لتخصيص موظف يتولّى توزيع دليل الإرشادات المشار إليه على المواطنين السعوديين عند وصول كل رحلة إلى مطار بيروت. الشؤون الداخلية ** انتقلتم من العمل بسفارة السعودية بباكستان إلى سفارتنا في لبنان، كلا البلدين يعيشان أوضاعا داخلية بالغة التعقيد ، فكيف يمكن إثبات بقاء المملكة على مسافة واحدة من كافة الفرقاء السياسيين في البلدين على أرض الواقع ؟ وما هي الصعوبات التي تواجهكم لتحقيق هذا الهدف ؟ إن من أهم ثوابت السياسة الخارجية السعودية هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد لأننا لا نقبل أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية ، كما أن نهج المملكة هو تغليب المصلحة الوطنية على مصلحة الأشخاص والمجموعات والتواصل مع المؤسسات الرسمية ، فنحن نعمل من أجل مصلحة البلاد وكل فئات الشعب بغضّ النظر عن الطائفة أو المذهب أو العرق ، هذا ما قمتُ به في باكستان وما أقوم به في لبنان الآن ، وهذه هي توجيهات قيادتنا الرشيدة . صورة المجتمع * * أفرزت العمليات الإرهابية منذ 11 سبتمبر صورة سلبية مشوّهة عن المجتمع السعودي ، فما هو الدور الذي تقوم به سفاراتنا في الخارج من أجل معالجة هذه الصورة ونشر الصورة الحقيقية للمجتمع السعودي المسالم والمنفتح على العالم ؟ في الحقيقة .. إنّ من ينظر بموضوعية الى الامور يعرف بالمنطق أنّ عددًا قليلًا من الأفراد لا يعبّرون عن شعب بأكمله إلاّ أن الإعلام الغربي وبعض الجهات المشبوهة أرادت الإمعان بهذه التّهم لغايات سيئة معروفة !!!. سفاراتنا السعودية عبر العالم تتواصل مع مختلف الناس من مختلف الطبقات والتوجّهات وتقدم أفضل صورة عن المملكة ، بلاد الخير والإنسانية كما أنّ البصمات التي تتركها المملكة في كل بلد لناحية المساعدات الإنسانية والمساهمة في الإنماء والاعمار وتنشيط الاقتصاد هي الجواب الأفضل على التّهم الباطلة إضافة إلى التواصل مع المؤسسات الإعلامية لمحاورة الشعوب وتصحيح ما أدخل على أذهان الناس من مغالطات ، كما أنني أود الإشارة إلى ما بذله الكثير من العلماء والكتّاب والمفكرين السعوديين لإيضاح الصورة الحقيقية عن الإسلام والمسلمين واعتقد ان الغرب اكتشف الحقيقة بأن ما حدث ليس له علاقة بالاسلام وأن الارهاب لا دين له. مكافحة الإرهاب ** اسمح لنا أن نقف عند الكتاب الصادر عن دار اكسفورد للنشر والمعنون ب “ مكافحة الإرهاب : دور السعودية في الحرب على الإرهاب « ما الذي أردت ايصاله من خلال هذا الكتاب وما مناسبة توقيت نشره ؟ من المعروف ان قضية الارهاب هي من القضايا الأساسية التي تشغل المجتمع الدولي حاليا وتدعوه إلى مضاعفة الجهود لردعها وايجاد الحلول لها . وما أردت إيصاله من خلال كتابي هو بعض الأفكار والمقترحات التي تضيء على جوانب أساسية في قضية الإرهاب وأسبابها السياسية والاجتماعية وصولا إلى الحلول التي اعتمدتها المملكة وتطبّقها . كذلك أردت المساهمة في تصحيح المفاهيم الخاطئة السائدة في الغرب عن الإسلام عبر التوجّه إلى الرأي العام الغربي بلغته وأسلوبه الأكاديمي ، والقول أن مسؤولية مكافحة الارهاب لا تقع على عاتق الدول العربية والاسلامية وحدها ، بل هي مسؤولية المجتمع الدولي كله لأن أسباب الإرهاب الحقيقية هي أسباب سياسية واقتصادية ناتجة عن ضغط سياسي وسوء أحوال معيشية وليست أسبابًا دينية كما يحلو لبعض الجهات تصويرها لتشويه صورة الإسلام والمسلمين ولذلك لا زلت أومن إيمانًا كاملاً أن هناك طرقًا أفضل وحلولاً عملية ذات تأثير إيجابي لمكافحة الإرهاب في المناطق الملتهبة مثل أفغانستانوباكستان غير القوة ، لأن القوة وحدها ليست الحلّ ، بل قد تزيد الأمر سوءً وتعقيدًا إذا لم تترافق مع وضع خطط تنموية وإصلاحية وحوار وغيرها ، فالقوة في النهاية هي أحد خيارات الحلّ وليست الحلّ الوحيد . أمن السفارات ** استفدتم من تجربتكم في حماية أمن السفارات لصياغة الكتاب ، فهل تعتقد أن السفارات السعودية أصبحت معرّضة للخطر بشكل أكبر بسبب بعض الأفكار الإرهابية في الوقت الراهن ؟ لا شك ان السفارات أو أي مصالح سعودية أخرى في الخارج تبقى كغيرها من مصالح الكثير من دول العالم هدفًا لأي عمل إرهابي وبالتالي فالحرص واتخاذ التدابير الأمنية اللازمة هو أمر ضروري لأن مؤشرات الخطر موجودة في كل العالم وجميع السفارات معرضة لهذا الأمر وفقا للأوضاع السياسية والأمنية وليست السفارات السعودية فقط المستهدفة ، والواجب يقضي بتوفير الأمن لسفاراتنا في مختلف الظروف بصرف النظر عن وجود خطر إرهابي أو عدمه ، وقد وجّه سمو وزير الخارجية حفظه الله باستحداث إدارة جديدة في وزارة الخارجية عام 1402ه معنية بالتنسيق مع الدول المضيفة ورفع درجة الأمن في جميع الممثليات السعودية في الخارج وتحصين وتجهيز مباني الممثليات وتوفير العناصر الأمنية المؤهلة . ** هل تؤثر الأوضاع السياسية غير المستقرة أحيانا في بعض البلدان على الأدوار الأخرى للسفير في النواحي الثقافية والتجارية ومتابعة الاتفاقيات الثنائية ؟ من الطبيعي أن يؤثر عدم استقرار الأوضاع السياسية على النواحي هذه ، لأن بروز وازدهار النشاطات الثقافية والتجارية يحتاج إلى استقرار ووضع سياسي وأمني ثابت فالمشاكل السياسية المستمرة تعيق تطوّر هذه الأمور خاصة أن أصحاب رؤوس الأموال ورجال الأعمال يخافون على استثماراتهم ويفضّلون بلدانًا تنعم بالاستقرار طويل الأمد إضافة إلى أن المؤسسات الرسمية في بلد غير مستقر سياسيا قد لا تتمكّن من متابعة الاتفاقات الثنائية والالتزام بها . المستوى التعليمي * * يتوجه عدد كبير من الطلبة السعوديين لإكمال دراساتهم في لبنان على نفقتهم الخاصة ، فهل المستوى التعليمي في لبنان مشجع لهذا الاتجاه ؟ وماذا أعدّت السفارة لدعم مثل هذه التوجّه بشكل أكبر من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث ؟ مستوى التعليم في لبنان مرتفع ومتميّز جدا ولدينا العديد من الطلبة السعوديين في لبنان ويدرسون في مختلف التخصصات ، فهناك طلبة في كليات الطب والصيدلة وطب الاسنان والادارة بفروعها . وهناك اتفاقيات تم ابرامها بين الملحقية الثقافية وبين الجامعات اللبنانية لاستقبال المبتعثين من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وقد أعدّت السفارة ممثلة بالملحقية الثقافية برنامجا لاستقبال الطلبة ، ولقد استفاد العديد منهم من البرنامج بالفعل ، كما قامت السفارة والملحقية الثقافية الأسبوع المنصرم بتكريم بعض المتفوقين من الطلبة وتم تكريم الخريجين السعوديين الذين شملهم برنامج خادم الحرمين الشريفين للمبتعثين في حفل أقيم خصيصا لهذه المناسبة . تجربة فريدة *يمتلك لبنان تجربة فريدة في مجال السياحة ، فهل هنالك تنسيق مع الجهات المسؤولة في هذا البلد للاستفادة من هذه التجربة ؟ وكم تبلغ أعداد السياح السعوديين سنويا في لبنان ؟ وهل تأثرت هذه الأعداد سلبا بالأحداث في السنوات الأخيرة؟ ** هناك أفكار قيد الدرس لدى المسؤولين ، وبالنسبة لأعداد السّياح السعوديين فهي الأعلى بين السياح الذين يتوافدون إلى لبنان حيث بلغ عددهم حوالى 683000 شخص ، كما تصدّر السياح السعوديون قائمة الانفاق السياحي العربي في بيروت خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 21 % من اجمالي الانفاق السياحي العربي في لبنان ، ولا شك أن عودة الأوضاع إلى الاستقرار في لبنان ساهمت في عودة الحياة إليه من قبل السائح السعودي حيث تحوّل عدد كبير من السياح السعوديين من وجهات أخرى كمصر والإمارات والدول الاوروبية وغيرها إلى لبنان ، فقد تجاوز عدد السعوديين الذين دخلوا الى لبنان خلال العام المنصرم النصف مليون شخص ما بين زائر وسائح .كما أنني أودّ هنا أن ألفت انتباه السياح والمصطافين السعوديين في لبنان بأن لا تتركّز جولاتهم وسياحتهم فقط في مدينة بيروت . فلبنان بلد جميل ويتميّز بسهولة التنقل بين مدنه وأماكنه السياحية لا سيما وأن المسافات بينها تعدّ قريبة . كما أحب أيضا أن أنوّه إلى ضرورة توخّي الحذر بعدم حمل مبالغ مالية كبيرة والاستفادة من التقنيات البنكية كبطاقات الاعتماد وبطاقات الصراف الآلي وما شابه ذلك للاستفادة منها وقت الحاجة وعدم حمل مبالغ نقدية كبيرة قد تعرّضهم للسرقة او الاحتيال . وهذا أمر ليس متعلقا بلبنان فقط إنما على مستوى السياحة في العالم أجمع ، أما بالنسبة للمستثمرين في مجال العقار فعليهم توخّي الحذر واستشارة المحامين والأخصائيين في الدوائر الرسمية والتأكد من المستندات الرسمية قبل إجراء أي معاملة. ** كم يبلغ حجم الاستثمارات السعودية في لبنان ؟ وما هي أهم المجالات التي تدخل فيها هذه الاستثمارات ؟ وهل لدى السفارة أي توجّهات باعتماد برنامج تجاري أكثر فاعلية في المستقبل ؟ لا شك أن المملكة تعتبر شريكاً اقتصاديًا استراتيجيًا للبنان ، والاستثمارات السعودية تمثل ما يزيد على 40 في المائة من الاستثمارات العربية الخاصة في لبنان ، وتقدر حاليا ، وفق مجلس الغرف السعودية بنحو 16 مليار ريال (4.2 مليار دولار ) ويحتل قطاع الاستثمار العقاري الشريحة الأكبر من هذه الاستثمارات ، فيما يليه الاستثمارات في قطاع الاعمار والفنادق والمصارف ، ونحن نسعى في السفارة إلى تطوير التبادل التجاري بين المملكة ولبنان عبر تشجيع الزيارات المتبادلة لرجال الأعمال لتبادل الخبرات وإقامة المؤتمرات وإنشاء ما يشبه لجنة سعودية لبنانية تدرس حاجات السوق والاختصاصات والكفاءات لتوفير العمل لأكبر عدد ممكن من الشباب السعودي واللبناني والمساهمة في تأمين حاجات السوق السعودي ، ونحن نبذل جهودنا لإقامة معرض للمنتجات السعودية وعقد اجتماع لرجال الأعمال السعوديين في بيروت بالتزامن مع الاحتفال بذكرى اليوم الوطني الذي ستقيمه السفارة في أواخر شهر سبتمبر المقبل إن شاء الله . برنامج واعد ** سعادة السفير .. إلى أين تتجه الأوضاع في لبنان بعد تشكيل الحكومة الجديدة وتحلحل الكثير من الأزمات على الصعيد العربي العربي ؟ إن الحكومة الجديدة التي يرأسها دولة الرئيس سعد الحريري وتضم وزراء من مختلف الاتجاهات السياسية وضعت برنامجًا واعدًا على الصعيدين السياسي والاقتصادي والانمائي وهناك جهود يبذلها الجميع بمتابعة الحوار وإيجاد حلول للقضايا الخلافية والانصراف إلى تطوير الاقتصاد والوضع الاجتماعي والسير بالبلاد قدما نحو الازدهار وهناك عوامل كثيرة تساهم في تثبيت الوضع الداخلي منها انتظام عمل المؤسسات الادارية والأمنية وتحسن العلاقات اللبنانية السورية وتواصل لبنان مع محيطه العربي ومع المجتمع الدولي ، والحقيقة أننا نلمس إرادة طيّبة لدى جميع المسؤولين في سبيل طيّ صفحة الماضي وإنهاء الأزمات والتّطلع نحو ما فيه الخير للبنان وشعبه الشقيق .