بعد أن صدر حديثاً قرار هيئة كبار العلماء وفقهم الله بتجريم تمويل العمليات الارهابية هذا القرار الذي كنا ننتظر صدوره منذ ثلاثة عقود أو اكثر والذي كنا ننتظره ان يكون تحريماً لا تجريماً: لأن ما يقوم به مثل هؤلاء الممولين افراداً أو مؤسسات شأنه عظيم وخطره أعظم لما يتمخض عنه من الافساد المتشعب في مختلف المناحي الحياتية كالجناية على الأنفس والاموال وزعزعة الأمن وتشويه صورة الاسلام ووضع العقبات أمام حركة العمل التنموي برمته للحاق بركب الأمم المتقدمة. ان هذا القرار الهام جداً والذي يعد منعطفاً هاماً في محاربة الارهاب لأن أثره بالتأكيد سيكون كبيراً وقد كنا نتمنى أن يكون أكثر تفصيلاً لجانبه الشرعي والتطبيقي كأن يكون هناك تحديد لمفهوم الإرهاب هل هو قاصر على الارهاب التفجيري التكفيري أم الارهاب الفكري الاقصائي ام ارهاب الفساد المالي والإداري الممارس داخل المؤسسات الحكومية فكل تلك الممارسات سالفة الذكر لها الكثير من الاضرار على الأنفس والاموال والممتلكات وعلى الأمن والفكر وعلى الاقتصاد برمته. إننا في هذه المرحلة تحديداً نحتاج من الهيئة العليا لكبار العلماء وفق الله كل القائمين عليها أن تلعب دوراً كنا ننتظره منذ زمن حيال الكثير من الممارسات المنحرفة اخلاقياً وفكرياً واقتصادياً واجتماعياً وادارياً وفي مقدمة تلك الممارسات بالتأكيد الارهاب التفجيري التكفيري الذي نال البلاد والعباد منه الكثير من الضرر الذي ستبقى آثاره عقوداً من الزمن وكم نحن فخورون بما تقدمه الهيئة ممثلة بكبار علمائنا الاجلاء عن كل ما سيقدمونه حيال حرب ذلك الارهاب بمختلف مساربه. ولعلي هنا أجدها فرصة سانحة لأطرح بعض الرؤى المتواضعة التي تصب في هذا المصب والتي قد تسهم ولو بدرجة بسيطة في محاربة الزحف الارهابي بمختلف صوره فعلى سبيل المثال: * أرى أن اتجاه الفتوى بدأ يتخذ مساراً غير منضبط من خلال الانفلات في مسألة الفتوى وخاصة في ظل وجود القنوات الاعلامية المنتشرة عبر الفضاء بالاضافة الى تمحور تلك الفتوى باتجاه المسائل الخلافية كالاختلاط والارضاع وقيادة المرأة للسيارة ونحو ذلك أما المسائل الهامة جداً والمؤثرة جداً في مسيرتنا التنموية فهي مهملة بدرجة كبيرة كالارهاب مثلا والفساد الاداري والمالي والحوار الفكري بين الاطياف والمذاهب والاساليب الهامة جداً في تحسين صورة الاسلام أمام العالم بعد ان قام البعض بتشويه تلك الصورة الناصعة. * كم أتمنى أن تتبنى الهيئة الموقرة خطة استراتيجية قد أُحسن اعدادها من قبل خبراء استراتيجيين تتضمن استشرافًا بعيد المدى لأهم القضايا الشرعية والاقتصادية والاجتماعية والدعوية ويتم الالتزام بها حتى يتحقق الضبط والنجاح والأثر وخاصة أننا مقبلون لا محالة على معتركات فكرية واقتصادية واجتماعية عالمية بعد أن أصبح العالم قرية مفتوحة لا حدود لها وهنا فقط نستطيع أن نؤثر بدلاً من أن نتأثر والله تعالى من وراء القصد.