نشرت الوطن (12 مايو) تحقيقاً مطولاً بعض الشيء عن النشاط الذي تمارسه بعض المحاميات السعوديات عند ترافعهن أمام القضاء عن موكلاتهن من النساء. وذكرت الصحيفة أن ثمة قبولاً (عرفياً) وليس نظامياً للمحاميات في أوساط (بعض) قضاة المحاكم الشرعية والمحاكم الإدارية لهذا الدور الذي أحسبه طبيعياً، ويحسبه البعض (كارثة) تفوق استيلاء اليهود على الأقصى السليب. هل ثمة تناقض! وإلى متى هذا التناقض؟ ولنأخذ إثبات الهوية مثلا. كيف تثبت السيدة المحامية شخصيتها لدى القاضي الذي تترافع أمامه؟ هل يكتفي فضيلته بمطابقة هويتها الوطنية المتضمنة صورتها الشخصية على الواقع الشاخص أمامه؟ أم هل يتوجب على المحامية جلب شاهدين اثنين يعرفّان بها في كل مرة؟ وهل هذا التعريف كافٍ يؤدي الغرض ويحق الحق الذي لا لبس فيه؟ الآلية الثانية محل نظر، ففي التحقيق نفسه ذكرت إحدى المحاميات أن مواطناً قدم المحكمة بصحبة امرأة مجهولة عرفّها على أنها زوجته (المصون)، لتبصم له على وكالة تخوله حق التصرف في المنزل المسجل باسم الزوجة الفعلية التي لم تعلم عن المهزلة إلا لاحقاً. وهكذا أوشك حق على الضياع، وربما ضاع فعلاً وباع الرجل المنزل، ولا مانع من إلحاق صاحبة الحق ببيت أهلها إذا اعترضت، أو طردها إلى الشارع إن كانت مقطوعة من شجرة. كل ذلك لأن الذي يعتمد الوكالة يتحرج من النظر إلى وجه المرأة ليطابقه على هويتها الرسمية، في حين لا يتحرج فضيلته من ضياع حق امرأة مسكينة جار عليها زوجها، فخانها وخدع النظام القضائي الموكل إليه حفظ الحقوق وتحقيق العدل ودفع الظلم. ولأن ما يتم به الواجب فهو واجب، فإن الواجب على كاتب العدل التحقق شخصياً من شخصية الموكلة، وعدم الاكتفاء بشاهد زور من أمثال هذا الزوج الخائن لما أؤتمن عليه، والمحتال على النظام القضائي بأكمله. يا جماعة نحن في القرن الحادي والعشرين الذي يفيض غشاً وكذباً وتزويراً وتدليساً، فلماذا نصر على أننا نعيش القرون الأولى التي فاضت صدقاً وعدلاً وأمانة ونزاهة!!! كفى تناقضاً، وكفى معايشة للوهم والسراب!! [email protected]