بارك الله في أخي الأستاذ ساري الزهراني على متابعته لي حتى حرَّك الماء الراكد وإن كان رماني لسفاهة بعض العربجيين ؛ ولقد تابعتُ كل المداخلات ؛ فشكري لكل من أثنى ، وشكراً لكل من نصح بحق أو أشار إليه ، وشكراً لكل من ناقشني بعلم سواءً أخطأ هو وأصبتُ أنا أو أصاب هو وأخطأت.. وعفا الله عن فئتين: فئة هي في عداد النُّسخ التي زادت في البلد تعرف شيئاً تقليداً ، وتعجز عن فهم المحاكمات الفلسفية على الدعاوى التي طرحها مثل الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى ؛ وأخذوا بها تقليداً ، وأما أذكياء العالم وإن خالفوا السلف في بعض المسائل كالمعتزلة والأشعرية فلا يقدرونهم حقَّ قدرهم كأن الله جعل الحق في جهة واحدة وكأن الله حرمهم التوفيق في بعض المسائل .. ومعظم مصادرنا إنما هو عن أئمة الأشاعرة كالإمام النووي وابن حجر العسقلاني رحمهما الله تعالى ، وحسبك بالنووي علماً وورعاً .. وأضرب المثال لذلك بأنهم لو فهموا كل ردود الإمام ابن تيمية على الحلوليين والاتحاديين فإنهم لن يجدوا عنده الإدلاء بسبب حلوليتهم واتحادهم ؛ ليدحضوهم بالبرهان ؛ والباعث لذلك أنهم أحالوا إظهار الوجود من العدم ؛ فذهبوا إلى أن الله خلق الخَلْقَ من ذاته سبحانه ؛ فيتجلى الكون مظهراً له ، ويتَّحد به في دورة سرمدية لا تنتهي أبداً سبحانه ربي وتقدس .. هذا مثال واحد من أمثلة كثيرة سأحققها إن شاء الله في بحوثي ( هذه سلفيتي ) .. والفئة الثانية ذوو عربجة صحفية لم يأخذوا من مواجهتي الطويلة العريضة إلا القشور القليلة التي يظنونها خطأ ، وجردوني للخطأ المحض ؛ فكانوا كمفتش النظافة.. وهاتان الفئتان من حق القارئ أن أناقش شُبَههم .. على أنني لا أذكرهم بأسمائهم من غير احتقار ، ولكن أريد أن يتعلموا قبل أن يتكلموا : لم تُعْط مع أُذنيك نطقاً واحداً إلا لتسمع ضِعْفَ ما تتكلَّم وليعلموا معنى المطارحات بين فحول العلماء التي تكون قرصاً تفجِّرهم ولا تغيظهم ، ويا ليتهم اطلعوا على مثل المناظرة التي تثب بالأرواح للوطواط الرشيد محمد بن محمد بن عبدالجليل في مطارحته لأبي علي المروزي القطان الحسن بن علي ، وكان الأخير ذي زَعارة. إنصاف وانتصاف قال أبو عبد الرحمن : حق عليَّ أَن أناقش كل ما طرح بإنصاف وانتصاف معاً ؛ فيظهر تراجعي عن اقتناع ، أو تصميمي على بيِّنة من ربي وبرهان.. وأبدأُ بسجع الحمام مع أحب الناس إلي ، وهم الذين شاركوا من أرض الكنانة ؛ فشرَّفوني بذلك؛ لأن أرض الكنانة أحب البقاع إليَّ بعد المساجد الثلاثة المقدسة، ولأن ( كفر أبو صير ) يعادل مسقط رأسي شقراء، ولأنني رضعتُ العلم منهم ( خمس رضعات ينشزن العظم، وينبتن اللحم).. ومن كفر أبي صير زوجتي الجهنية أم نصف أولادي ، وجملة ذريتي كثيرة جداً، وعنها تعلَّمت موقع الإحسان والإساءة.. تعلمت منهم مباشرة كالمشايخ عبد الرزاق عفيفي ومحمد عبدالرحيم والدسوقي وصادق صِدِّيق وغيرهم رحمهم الله ، وتعلمتُ منهم قراءة وسماعاً في وسائل الإعلام ابتداء بالإمام محمد أبو زهرة وانتهاء بصديق حرفة الفن كامل الشناوي ، وقرابة نصف مكتبتي من آثارهم ، وتتلمذتُ على الرسالة التي كان يرأس تحريرها أحمد حسن الزيات رحمه الله، وكانت أعدادها تأتي إلى شقراء بقروش ؛ فأشتريها وأقرؤها بنهمٍ ؛ ومن ثم عشقت الإيقاع اللذيذ والرومانسية الحالمة على الرغم من قلة الموارد يومها ، وكنت ألتهم كتب طه حسين وزكي مبارك والعقاد ، وفي الرياض أذهب إلى المكتبات العامة لأقرأ المجلات المصرية قبل اقتنائي لبعضها .. وأضابيري مشحونة برسائل ودية عن انطباعاتي عن أرض الكنانة مع تأييد ومعارضة من بعضهم لنقدي الذاتي لشعب بوان، وذلك مذكور في كتابي حديث الشهر الجزء الثالث الصادر في شهر ربيع الأول من هذا العام 1431ه .. وفي المنعطف الوجداني من حياتي تردَّدت على مصر في مدنها وأريافها، ثم نَعِمْتُ بالبيت الهانىء في كفر أبو صير، وكنت ألتذ مشياً على الأقدام من المزلقان بعد عين شمس إلى المحطة متجولاً بين الأرياف ككفر الباشا وبركة الحاج إلى أن أستقر في كفر أبو صير ، وسيصدر عنه إن شاء الله حديث مطول في حديث الشهر .. أرى عناقيد المنقا والجوافة والبرتقال ويوسف أفندي .. وامرأةً لم يبدُ من زينتها غير ما هو مباح بمرجوحية ما هو أفضل ؛ وذلك بكشف الوجه وستر الرأس والصدر .. تقود جاموستها، وأخرى تحمل الماء على رأسها للبيت ، وأُخَرَ يغسلن الملابس في التِّرع من النيل المبارك المتشعبة من كل فوج ، والريفيَّ الذي فتل شنباته والتف بعمامة من صوف ( وهو أحسن حالاً من وزيرٍ في المدينة وإن لم يوجد عطور ولباس أفندي ؛ لأنهم ينعمون بالخير النقي من اللبن ومشتقاته والعسل وما يُرَبُّونه من الفراخ والبط والوز والحمام والديك الرومي والعجول والغنم ) .. نضر الله تلك الوجوه ما رأيت أسلم من قلوبهم ، وأندى من أريحيتهم ، وآنس من مجالستهم .. تمرُّ به جالساً عند بيته فيكرر (مرحبْ ) ، ويقسم عليك بالدخول ، وبعضهم الله أعلم بحالته المادية؛ فأستجيب بأيمان أغلظ من أيمانهم بأنني لا أريد إلا الشاي الثقيل متظاهراً بأنني على إثر وجبة دسمة ، ولولا ذلك لذبح من الطيور أو جدياً أو عجلاً ، وأما في الأطراف فلا يشاورون ، بل ينحر أحدهم الحاشي قبل أن تستقر في مجلسك؛ فألفتهم إلى حد العشق، وعمرتُ ساحةً في كفر أبي صير مقابلة لفلة أرحامي أقيم فيها بعض المرات دعوات ؛ فأذبح حاشياً وعجلاً أو خرفاناً وطيوراً ، وتبدأ السهرة من صلاة العشاء؛ فالشيوخ والمرضى الذين لا يسهرون يجلسون ويسلمون ، وأعجِّلُ بعشائهم على الطبليَّات ، وأما أهل المؤانسة فلا يُفَرِّقني عنهم إلا الذهاب للمسجد أذان الفجر .. يبدأ الحديث ، ثم الغناء الشعبي الريفي ، ثم يحضر موسيقيٌّ ( شعبي متمكن يغني أغاني الريف ، ثم يختم بمثل ( لسا فاكر )، والنساء في ساحة أخرى ، ولا آخذ عليهم من الطبع العربي الأصيل غير الإسراف في التبغ والمعسَّل حتى لا أكاد أرى يدي من المداخن .. والتَّعِلَّة قبل العشاء تمر محموس بالملح نقتنيه في أقفاص من القصب ، والوِلْعَة من قصب الذُّرة.. هذا مع شيء من التصوف غير المقبول مع تسامحي في أشياء أخرى ؛ استئلافاً للقلوب؛ فكان أولُ فتحٍ على يدي بعد الله الامتناع عن ذبح نتاج الجاموس إذا كان ذكراً على قبر وليٍّ، وقبلوا من جِدِّي وهزلي.. وفي كفر أبو صير المبارك في منعطف حياتي الوجداني غرقت مع نتاج الأريحيين الذين ضيَّعهم عشقهم الجمالي للفن ، وفي قمتهم كمال الشناوي رحمه الله .. أغاني الطرب وحصلت من جميع إذاعات مصر على أشرطة من أغاني الطرب الشحيحة الصافية كأغاني منيرة المهدية سلطانة الطرب ، وكل جيل التخت الشرقي : كنجاة الكبيرة وهي غير الصغيرة، وسلامة حجازي ، وزكريا أحمد ، وسيد درويش؛ فسمعتها متذوقاً ودرستها بتمعن ناقداً ، ثم ارتفعتُ إلى جيل محمد عبد الوهاب والسنباطي والست ، وتعاملت معها أيضاً بتذوق ونقد ، وهكذا فعلت مع عشرات الأفلام بدراسات أُذن بنشر قليل منها في كتابي ( هكذا علمني ورد زوورث ) ، ثم حدثت لي أزمة روحانية فوزَّعتُ هذه الأشرطة وياليتني أحرقتها ، ثم عادت حليمة إلى عادتها القديمة حتى ودَّعتُ الطرب والأفلام إلى غير رجعة إن شاء الله ، وطهَّرت بيتي منها، واستبقيت تجاربي الفنية النقدية لخدمة الأدب.. ومنذ عشر سنوات تقريباً زرت مصر ومعي أهلي وأولادي فانقبضت نفسي جداً؛ لأن تلك الأرياف التي أقطعها مشياً على الأقدام طولاً وعرضاً تحوَّلت إلى إسمنت وعمائر شاهقة وترع مدفونة وأشجار مقلوعة ، وصرتُ أسمع ملايين الجنيهات قيمة أمتار وكنت في السابق لا أسمع إلا ( ساغاً ، وواحد جنيه ) ، وكنت أشتري أكرم ذبيحة من الضأن بأربعين جنيهاً من ( أُم بابة ) ، وأصبح الجدي الآن بأربعمئة جنيه ، وكان هذا الاتصال الإسمنتي غير المبارك متصلاً من عين شمس ، ومتصلاً من أطراف القاهرة على طريق الإسماعيلية ، وتحَوَّل عاشق الزراعة إلى بلبيس والإسماعيلية ، وفقدت وجوهاً خيِّرة من الأشياخ المباركين ؛ إذْ لقي أكثرهم ربه .. دَيْن ذاتي وما ذكرته عن أرض الكنانة دَيْن ذاتي في ذمتي ، ولها حقان آخران : حق شرعي في استيصاء الرسول صلى الله عليه وسلم بأهل مصر خيراً ؛ لأنهم أخوال إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وحق تاريخي ؛ لأنه منذ عصور الدويلات والتتار كانت مصر والشام ثِقَل العرب والمسلمين ، والإمام ابن تيمية يتنبأ بذلك مستقبلاً ، وفي هذا رجحان على الأمل باتحاد الصف في الشعوب العربية والإسلامية ، ووأد التجزئة الطائفية والمليَّة والنحلية ، والاستعلاء على الخلافات العلمية بين أهل القبلة ، والولاء الصادق للدين والوطن والأمة بين الزعماء ، وأما استيصاء الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل ( هاجَر ) رضي الله عنها أم إسماعيل فسأثير ههنا تحقيقين يغيظان الفئتين اللتين ذكرتهما ، مع أن عليهما جمهور مؤرخي المسلمين ، وعلى الأولى وإن رجَّحتُ غيرهما جمهور مُخَرِّجي الأحاديث مِن علماء المسلمين ؛ اتباعاً لما جُعِل واقعا معاشاً من إشاعة يهودية في الحجاز لم يعرفها العرب قبل ذلك : المسألة الأولى : دعوى أن ( هاجَر ) الحُرَّة رضي الله عنها أَمَة ( جارية ) قبطية من مصر ، والمراد قبل المسيحية بلا ريب ، ولم أجد في موارد الشريعة مما صح عن هاجر رضي الله عنها أنها أمة أو قبطية ؛ وإنما هناك آثار موقوفة ضعيفة، ولو فرض أنها صحيحة ( وهي لا تصح ) لكان مصدرها الإسرائيليات ، والذي صح إسناداً لا متناً هو ما رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه .. قال البخاري رحمه الله تعالى: (( حدثنا أبو اليمان : أخبرنا شعيب : حدثنا أبو الزناد : عن الأعرج : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( هاجر إبراهيم عليه السلام بسارة ؛ فدخل بها قرية فيها ملك من الملوك ( أو جبار من الجبابرة ) فقيل : دخل إبراهيم بامرأة هي من أحسن النساء، فأرسل إليه : أن يا إبراهيم : من هذه التي معك؟.. قال : أختي .. ثم رجع إليها فقال : لا تُكذِّبي حديثي؛ فإني أخبرتهم أنك أختي ، والله إنْ على الأرض من مؤمن غيري وغيرك .. فأُرسِل بها إليه ، فقام إليها ، فقامت تتوضأ وتصلي ، فقالت : اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط عليَّ الكافر .. فغط حتى ركض برجله .. قال الأعرج قال أبو سلمة بن عبد الرحمن : إن أبا هريرة قال : قالت : اللهم إن يمت يقال : هي قتلته .. فأُرسِل ثم قام إليها ، فقامت تتوضأ وتصلي وتقول : اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي هذا الكافر ، فغط حتى ركض برجله.. قال أبو سلمة بن عبد الرحمن : قال أبو هريرة : فقالت : اللهم إن يمت فيقال : هي قتلته ..فأُرسِل في الثانية أو في الثالثة ، فقال : والله ما أرسلتم إليَّ إلا شيطانا .. أرجعوها إلى إبراهيم [ عليه السلام ] وأعطوها هاجر .. فرجعت إلى إبراهيم عليه السلام ، فقالت: أشعرت أن الله كبت الكافر وأَخْدَم وليدة ؟)). ذلك مشروط قال أبو عبد الرحمن : إذا صح حديث الآحاد إسناداً فذلك يقتضي صحة التصديق به ، ولكنَّ ذلك مشروط بتخلُّف المانع كعدم صحة المتن المبثوثة في أصول الحديث تأصيلاً ، وفي كلام العلماء تطبيقاً ، وقد جمع شيئاً من هذا التأصيل بعض المعاصرين مثل كتاب ( مقاييس متون السنة ) للدكتور مسفر غرم الله دميني .. ووردَ هذا الحديث في الصحيحين وغيرهما مرفوعاً كله تارة ، وموقوفاً كله تارة ، وبعضه موقوف قطعاً.. قال ابن الملقن رحمه الله تعالى : (( قوله: قال الأعرج : قال أبو سلمة : قال أبو هريرة : فقالت .. إلخ : هو موقوف ظاهر )) . بلايا واضطراب قال أبو عبد الرحمن : في المتن من متون هذا الحديث بلايا ، وبينه وبين نصوصه الأخرى اضطراب ، وبينه وبين حديث أبي سعيد الخدري وحديث أبي هريرة رضي الله عنهما نفسه في الشفاعة تناقض ؛ فهذا موجبٌ أن أبا هريرة رضي الله عنه رواه موقوفاً لم يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسم ، وليس له حكم المرفوع؛ لأنه من الإسرائيليات .. وأبو هريرة رضي الله عنه هو الصحابي البَرُّ الصادق ، ولكن الإسناد الصحيح من أخبار الآحاد إذا رواه العدول من صحابي أو غيره ، ثم رُدَّ متنه لقوادح العلل فلا يعني ذلك تكذيب الصحابي ومن دونه، ولا القدح في عدالتهم ، بل قوادح العلل كثيرة كالخطأ والوهم ، وكل ذلك لا يمس عدالتهم .. وأبو هريرة رضي الله عنه كان إسلامه عام خيبر في شهر الله المحرم عام 7 من الهجرة ؛ فصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات وأشهراً ، وكان أكثرَهم حديثاً ، وكان يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة ، وعنه بالواسطة ، وعن عدد من الصحابة كُثر رضي الله عنهم، وعن ذوي الإسرائيليات مثل كعب الأحبار؛ ولكثرة روايته مع قِصر مدة الصحبة يحصل سهو وخلط ، وقد جربنا عنه رضي الله عنه شيئاً من ذلك كروايته أن من أدركه الفجر في الصيام وهو جنب فلا صوم له ؛ فنهته عائشة رضي الله عنها عن التحدث به ، واتصل مروان وابن مخرمة بعائشة وأم سلمة رضي الله عنهم؛ فنفيتا ذلك ؛ فتعلَّل المحدثون والفقهاء بأن ذلك فتوى من أبي هريرة رضي الله عنه لا رواية مع أنهم يعلمون قوله : ( حدثني حبيبي ) يعني عبد الله ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم ؛ فلما عُورض قال: سمعته من الفضل بن العباس رضي الله عنهما.. والفضل رضي الله عنه قتل عام اليرموك سنة 18 ه وعمره اثنان وعشرون عاماً ؛ وروايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره تسع سنوات على أكثر تقدير .. وبعضهم اعتذر بأنه لم يسمع إلا الحكم المنسوخ، وهذا محال لأمرين : أولهما : محال أن يُرَوِّيهما الرسول الله صلى الله عليه وسلم المنسوخ ويترك الناسخ ، وهو صلى الله عليه وسلم يخرج على أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما بعد أذان الفجر ولحيته تقطر ماء من غُسل الجنابة . وثانيهما : لم يصح خبر بالنسخ ، والمنع من قربان النساء في الليل أول الأمر حكم تكليفي لا يُفسد الحكم التكليفي الآخر الذي هو الصوم .. والعدل بلا تمحُّك أنه رضي الله عنه أخطأ ووهم ونسي ، ولستُ أسلك مسلك بعض أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله تعالى في ردَّ ما تفرَّد به؛ وإنما الأمر ما أسلفت من كون صحة الإسناد اقتصاء لصحة الحديث وتصديقه ما لم يقم مانع. وكتبه لكم : أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري عفا الله عنه