أكد الدكتور خالد عمر الرديعان استاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود ان الدراسات التي تعنى بالعنف الأسري ضد المرأة غير واضحة تماما بسبب غياب الاحصاءات الدقيقة حول حجم المشكلة، وأن ما يتم رصده وتوثيقه قليل جدا مقارنة باعداد حالات العنف، فمعظم حالاته لا تصل الى الأجهزة الضبطية الرسمية ومن ثم لا يتم تدوينها. يضاف الى ذلك ان مشكلة العنف الأسري تتم خلف أبواب موصدة، وان ما يجري خلف تلك الابواب يعد في نظر الكثيرين بما في ذلك ضحايا العنف الأسري أمورا خاصة لايجوز عرضها على الآخرين. لذلك فالمرأة التي تتعرض للعنف الأسري تتردد كثيرا قبل ان تبلغ الأجهزة الرسمية بل حتى اهلها، خوفا من الفضيحة والطلاق او تجنبا لعنف أكبر قد يمارسه الزوج إذا عرف بشكواها. وأشار الدكتور الرديعان ان العنف اللفظي ضد المرأة يعد شائعا بدرجة كبيرة في المملكة، يليه العنف الاجتماعي الذي من صوره حجب بعض الحقوق الأساسية للمرأة وربما منعها من التعليم والعمل وتقييد حركتها وعدم أخذ رأيها في اختيار الشريك وربما تزويجها من شخص يكبرها في السن. يلي ذلك العنف الاقتصادي ومن أمثلته سلب حقوق المرأة الاقتصادية كالاستيلاء على دخلها، واحيانا انكار حقها في الميراث من قبل الأخوة وبعض الأقارب رغم ان المحاكم الشرعية السعودية لا تقر ذلك شريطة ان تتقدم الضحية بشكوى. وقد تبين من الدراسة ان المرأة المتزوجة تقع في الغالب ضحية عنف الزوج أكثر من أي شخص آخر، بينما تقع غير المتزوجة ضحية عنف الأخ بدرجة تفوق عنف الأب أو الأطراف الأخرى. وبينت الدراسة كذلك ان انواع العنف الأسري الأخرى والشديدة كالعنف الجنسي والعنف البدني هما أقل الأنواع انتشارا وهو أمر مطمئن الى حد ما، الا ان الأنواع الأخرى تظل منتشرة بصورة مقلقة ما يستدعي عمل شيء بهذا الخصوص. ويؤكد الدكتور خالد ان تفشي العنف الأسري ضد المرأة له عدة أسباب منها غياب السياسات والتشريعات الاجتماعية التي تعالج العنف وتحد من وقوعه، وعدم تمكن الضحايا من الوصول الى الأجهزة الضبطية لتقديم الشكاوى خوفا من الفضيحة والطلاق. ويظل اعتماد النساء على الرجال ماديا ومعنويا اسباب أخرى تمنعهن وبدرجة كبيرة من طلب الحماية من الأجهزة الرسمية. ومن أسباب تفشي العنف الأسري ضد المرأة كما يضيف الدكتور الرديعان عدم توفر عدد كاف من مراكز الاستشارات الأسرية التي تقدم المساعدة للمرأة ضحية العنف، وتظل قضية الثقافة السائدة والعادات والتقاليد والفروق الصارخة بين الجنسين التي تهمش دور المرأة، وأبوية المجتمع، وذكوريته الطاغية، من الأسباب الرئيسية التي تخلق بيئة خصبة تساعد على انتشار العنف الأسري ضد المرأة، مشيرا إلى أنه ما لم يحدث تحول ثقافي شامل في المجتمع العربي ووعي تام بحقوق المرأة الشرعية والاجتماعية، فإن الحال ستبقى عليه وربما يتطور إلى الأسوأ.