يحتفل العالم العربي بيوم اليتيم في الجمعة الأولى من شهر أبريل من كل عام سعياً لجعل يوم اليتيم العربي يوماً عالمياً، وقد احتفل العالم هذه السنة في نفس اليوم والموعد، حيث نمد أيدينا، لنمسك بالأيادي الصغيرة المختبئة خلف ستار اليتم، ونأخذ بها نحو إشراقة الفرح ومتعة الفوز نقودهم إلى جانب من الحياة، ربما لا تتاح لهم الفرصة للتطلع إليه، ننقل حرمان اليتامى إلى واحة من السعادة والبهاء ونربط اليوم بحلم المستقبل، وطموح يرشق بنظرةً نحو التقدم والازدهار وبعزيمة وإصرار لا تعرف اليأس، نواسيهم ونتفقدهم ونرسم بالريشة على كفوفهم لوحةً من النبض البهيج، نشد على قلوبهم، نحن معكم، ونحن نتذكركم دائماً وأبدا، فالحياة والسعادة والفلاح لكم ومنكم فلنجعله معاً، نجاحاً يمتد إلى مستقبل فريد سابق بالخيرات . إن الدين الإسلامي قدم الأيتام للمجتمع في أفضل صورة إنسانية شهدتها المجتمعات الحضارية، فهو لم يقدمهم على أنهم ضحايا القدر أو بقايا المجتمع كما هو شائع في مجتمعات أخرى، بل كانوا موضوعاً لآية قرآنية كريمة رسمت عنهم صورة إيمانية تسمو على كل الارتباطات المادية والدنيوية . ويجب علينا أن نكون علاقة قوية ومتينة في وسط مجتمع كريم لا يدع اليتيم ولا يقهره ولا يأكل ماله، وأن ندمجهم داخل المؤسسة الاجتماعية . ويجب أن نعي تماماً أن كفالة ورعاية اليتيم لا تقتصر على الاهتمام المادي فقط، بل ترتقي وتمتد المهمة إلى الاهتمام بالروح المعنوية لليتيم والمعاملة السامية والتواصل معهم على مدار السنة . ونحن نتساءل لماذا نجعل لليتيم يوما واحدا في السنة، نشاركه في أفراحه، بينما هذا اليوم يستثمره الغير في الظهور أمام وسائل الإعلام على مصلحة هذه الفئة، ونتساءل أيضاً لماذا لا يكون هناك يوم من كل أسبوع على مدار السنة نحتفل مع الأيتام ونشاركهم في ألعابهم ورحلاتهم ومناسباتهم وندعوهم للانخراط معنا في شرائح المجتمع . وأدعو جميع المسؤولين في الأندية الرياضية والأدبية وجمعيات الثقافة والفنون والكشافة ومدن الترفيه والمؤسسات الاجتماعية والخيرية لتنظيم مثل هذه الفعاليات والبرامج والأنشطة التي توثق العلاقة وتصقل شخصية اليتيم وتجعله فرداً نافعاً في هذا المجتمع ، ولتكن هناك أهداف واضحة وسامية وهي إدخال الفرح والسرور في قلوب الأيتام ومشاركتهم أحاسيسهم ومشاعرهم بأنهم جزء لا يتجزأ من مجتمعنا الكريم وأن نعمل على غرس روح التحدي والإصرار والمبادرة في نفوسهم من خلال الفعاليات والمسابقات التنافسية والألعاب التحفيزية . وأحب أن أشيد بالجهود المبذولة من حكومة خادم الحرمين الشريفين – يحفظه الله - والتي أولت اهتماماً خاصاً باليتيم ورعايته، وأدعو وسائل إعلامنا العربي والإسلامي أن يسلطوا الضوء وأن يخصصوا البرامج والفعاليات والأنشطة الإعلامية لدعم هذه الفئة، كما يجب على إعلامنا المساهمة الفعالة من خلال برامجه وتغطياته في جميع وسائله في تعريف جميع أفراد مجتمعنا المسلم بأهمية هذا الدور وأثره الكبير في خلق ورسم البهجة والسرور في نفس هذه الفئة الغالية علينا جميعاً ، وتذكير المجتمع بأهمية هذه الفئة ، والمحاولة لمحو فكرة الشعور بفقدان الأمان الأسري والمجتمعي وإيصال رسالة مفادها التكامل والتكاتف في المجتمع الإسلامي تجاه هذه الفئة ، إضافةً إلى إعطائهم الثقة الكاملة في قدرتهم على الاندماج في مجتمعاتهم وتمكنهم من تولي القيادة في مواطن ذات مسئوليات أكبر ، وكذلك مقدرتهم على البناء والمشاركة والرقي بمجتمعاتهم .