نعلم - جميعنا - ان الصفر على الشمال - في لغة الارقام لا قيمة له.. ولا معنى لوجوده!! فوجوده كعدمه.. واحتلاله لهذا الموقع لا يقدم ولا يؤخر! ومع ذلك.. نجد ان كثيرين حولنا يحتلون موقع الصفر على الشمال! فهم بلا قيمة.. ولا معنى لوجودهم. لا يؤثرون.. ولا ينفعون ولا يخسر العالم بغيابهم.. ولا يحصد ثمارا بوجودهم. هؤلاء هم الذين لا يجيدون فن صناعة الحياة.. ولا يسعون لوضع بصماتهم عليها.. وفي احسن احوالهم تراهم يحاولون ان يفيدوا من الحياة قدرا اكبر دون ان يقدموا لها شيئا جديدا !! أو تجدهم في هذه الحياة يخبطون خبط عشواء.. ويوقفون القسم الاعظم من طاقاتهم على صنع الأسف والحزن على انفسهم!! او على الحصول على خبز الحياة.. دون الحياة نفسها!! ينسون ان الحياة لا تعدّ اصفار الشمال عددًا.. ولا تمنحهم قيمة وأنها تحتاج الى من تكون آثاره بيّنة.. يقال عنه: مرّ من هنا.. وهذا الأثر. يقول الله جل شأنه: (وجعلني مباركا اين ما كنت واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا). فديمومة الحياة ان يعيشها المرء وهو مبارك اينما كان أي نافع ومنتج وفاعل ذو أثر. فان اراد الشخص منا ان يعرف ان كان حيا أم لا.. فلينظر الى آثاره، وقيمة اعماله، ويسأل نفسه اسئلة يجيب عنها بكل صراحة: كم سيخسر العالم لو لم أكن فيه؟ وماذا سيخسر لو غادرته؟ وهل حياتي تساوي موتي.. (وهل حضوري وغيابي سيّان)؟ ان المصداقية والشفافية مع الذات كفيلتان بأن ترينا حقيقة موقعنا.. ومكانتنا.. وتكشف لنا ان كنا اصفارا على الشمال أم لا!! كثيرون هم الذين ما يزالون اصفارا.. وليس في ذلك شيء لكن المهم الا تكون تلك الاصفار على الشمال.. فان الصفر على اليمين ذو قيمة مؤثرة وان كانت الانجازات قليلة!! لان مجرد الوجود في خانة ذات قيمة سيحرك الهمم وما تقف همة الا لخساستها.. وما تقنع همة عالية بما دون النجوم.. مهما قصرت!! وكلما نجح المرء في استغلال القوى والطاقات والامكانات التي وهبها الله له. أخذ بالنمو وتفعيل القيمة والتأثير والا اصبح كلًّا كما قال القرآن أينما توجهه لا يأت بخير!! وأهم تلك الطاقات والقوى المودعة في الانسان.. طاقة التغيير وقواه العظيمة.. لكن معظمنا يصرفها ليغيّر الناس والعالم من حوله.. فيهدرها ويهدر جهوده معها.. لأن احدا لا يقدر على تغيير شيء سوى نفسه.. فان أردت ان تحدث تغييرا في العالم.. فكن أنت التغيير الذي تريد إحداثه في هذا العالم.. لكن تذكّر ان تفحص موضعك اولاً.. لئلا تكون صفراً على الشمال.