“خمس سنوات وأنا أتردد على الهيئة الشرعية الصحية بجدة من جلسة إلى أخرى بانتظار صدور الحكم في الدعوى التي رفعتها ضد مستوصف خاص تسبب في معاناتنا مع مولودنا البكر الذي ولد مصابا بشلل مخي تيبسي ناتج عن اختناق جنيني داخل الرحم، وضمور في الدماغ ونوبات صرع وعجز كلي بنسبة 100% وتخلف اجتماعي شديد جدا، كما أنه لا يرى ولا يسمع ولا يصدر أي صوت”. بهذه الكلمات المؤثرة لخص مشعل الحارثي تفاصيل فرحته بمولوده البكر (نواف) والتي وئدت في مهدها برسم الإهمال واللا مبالاة من قبل الطبيبة المشرفة على متابعة زوجته طوال أشهر الحمل. وبرر مصدر مسؤول في الهيئة هذا التأخير بأن بعض القضايا تستغرق وقتا إضافيا بسبب اعتذار المدعى عليهم عن الحضور في الموعد المحدد، كما أن بعض القضايا تحتاج إلى الوقت لأخذ آراء الخبراء وإكمال النواقص في فقدان الحواس والمنافع، وأخذ آراء مستشفيات محايدة، لكتابة بعض الأمور الشرعية والطبية. وأكد أن الهيئة حريصة على تطبيق النظام والتعليمات حسب المستطاع، مشيرا إلى أنه في حالة غياب أحد الأطراف عن جلستين متتاليتين، يتم إصدار الحكم عليه غيابيا. رحلة المعاناة ويعود الحارثي متحدثا عن حلقات مسلسل لا ينتهي مع المعاناة والأحزان والهموم، قائلا: خمس سنوات وأنا وأسرتي الصغيرة أسرى هذه الأحزان التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا، في وقت كان ينبغي أن تطلق زغاريد الفرح ابتهاجا بقدوم مولودنا الأول، لدرجة أنني تمنيت لو أنه مات”. ويضيف كانت زوجتي تراجع طوال فترة حملها طبيبة في مستوصف خاص، وفي الشهر التاسع عانت زوجتي من بعض الالام، فأفادت الطبيبة بأن وضع الجنين سليم، وصرفت لها أكثر من 10 أصناف من العلاج، بما فيها علاج الدوالي، والأغرب من كل ذلك أنها وصفت لها أن تشتري أرنبا وتأكله مشويا، وهو ما دعاني لاصطحابها إلى مستشفى حكومي، حيث أدخلوها قسم الطوارئ بعد مماطلة، وأجريت لها عملية ولادة قيصرية بعد حوالى ثلاث ساعات من وصولنا، وخرج الجنين مصابا بضمور وماء في المخ، ومعوقا إعاقة حركية وحسية كاملة، عندها طلبت منهم تقارير طبية، ولكن لم أتمكن من الحصول عليها على مدى أربعة أيام، وتصادف أن وزير الصحة السابق في زيارة للمستشفى فشرحت له معاناتي فتم إعطائي التقارير، وأحيلت قضيتي إلى الهيئة الشرعية الصحية بجدة. ومنذ ذلك الحين - يقول الحارثي - قبل حوالى خمس سنوات وأنا أتردد على الهيئة من جلسة إلى أخرى ولم تنته المحاكمة، وكان سبب التأخير عدم حضور بعض المدعى عليهم وأخيرا حددت الهيئة يوم الثلاثاء 19 شوال المقبل موعدا جديدا لإحضار الفريق الطبي المشرف على العناية المركزة ورئيس التمريض لأخذ إفاداتهم. التقرير الطبي وجاء في التقرير الطبي الأول لمستشفى المساعدية للولادة والأطفال بجدة (أن والدة المريض “نواف” حولت إلى المستشفى الحكومي من المستوصف الخاص وهي بحالة ولادة وقد أجريت لها عملية قيصرية عاجلة وتبين أن الجنين يعاني من اختناق داخل الرحم، وبعد الولادة اتضح أن حالته سيئة، حيث كان يعاني من ازرقاق وانخفاض في دقات القلب بالإضافة إلى ارتخاء في العضلات، وقد تم اسعافه وأدخل العناية المركزة، حيث بقي هناك ما يقارب الشهرين، وبعد خروجه لاحظ الأهل أنه متأخر في اكتساب المهارات الأساسية، بالإضافة إلى أنه يتعرض لنوبات صرع، علما بأنه كان يتناول أدوية مكافحة الصرع، وحول إلى عيادة الأعصاب للمتابعة، وهو الآن لا يستطيع التحكم في الرقبة أو الانقلاب كما أنه غير قادر على الجلوس أو الحبو، ولا يستطيع أن يضع ثقله على القدمين، ولا يستطيع أن يمد يديه لأخذ الأشياء، ولكن يستطيع الإمساك بها إذا وضعت في راحتي يديه، ولا يستطيع نقل الأشياء من يد إلى أخرى، كما لا يستطيع التركيز على الأشياء المتحركة، ولكن لا يستطيع نطق أي كلمة أو إخراج أصوات لها معنى، وقد ابتسم نواف لأول مرة عندما كان عمره ستة أشهر وهذا يعتبر وقتا متأخرا للابتسامة، وهو قادر على بلع الطعام ويشكو من إمساك مزمن، علما بأنه الطفل الوحيد لأبويه وهما يتمتعان بصحة جيدة ومن قبيلتين مختلفتين، ويتناول الطفل حاليا عقار مكافحة الصرع ولا يزال يتعرض بين الحين والآخر لنوبات صرعية. وبالفحص السريري حسب تقرير لجنة مكونة من استشاريين وأطباء بذات المستشفى فإن وزن نواف 11 كجم، وهو مستلق على ظهره، وتوجد حركات لا إرادية (وتشنجات من نوع تقلص في العضلات، ويوجد حول في كلتا العينين، ولكن لا يوجد تراقص في قزحية العينين ولا يستطيع التحكم في الرقبة، كما أنه لا يستطيع الجلوس أو الوقوف على قدميه أو وضع ثقل جسمه عليهما، ولا يستطيع أن يمد يديه لأخذ الأشياء، فالأعصاب المخية سليمة والتوتر العضلي زائد في كل الأطراف والانعكاسات العصبية زائدة في كل الأطراف والقوة العضلية ضعيفة، وتم عمل تخطيط المخ ووجد بؤرة صرعية تتناسب مع التشخيص الطبي، بينما كشفت الأشعة عن توسع شديد في بطينات الدماغ ناتج عن ضمور في الدماغ، وخلاصة التقرير فإن نواف يعاني من تأخر جسدي بسبب معاناته من شلل مخي تيبسي ناتج عن اختناق جنيني داخل الرحم وهو عجز دائم يحتاج للمتابعة المستمرة في عيادات الأعصاب والعلاج الطبيعي يحتاج للمتابعة المستمرة، وتقرر نسبة العجز كالتالي (لا يستطيع استخدام أطرافه السفلى في الوقوف أو المشي) 100%. بينما شخص مستشفى الصحة النفسية بجدة حالة الطفل نواف وهو عمره سنتان بأن لديه تخلفا اجتماعيا شديدا جدا ونوبات صرعية، وبين التقرير أنه حضر للعيادة برفقة والديه وطبق عليه مقياس فاينلاند للنضج الاجتماعي، وكانت النتيجة التالية أنه حصل على أقل من 20 نسبة ذكاء اجتماعي وهي تصنف ضمن فئة (التخلف الاجتماعي الشديد جدا)، والمريض لديه استسقاء بالرأس، علاوة أنه يعاني من عدم السمع ولديه تاريخ لنوبات صرعية وهو تحت العلاج بمستشفى الولادة والأطفال.