طالب مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله العثمان بمساءلة مديري ومسؤولي الجامعات السعودية ، وطلب من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية التفريق بين التقديس والتقدير ، مشيرا الى أن هناك من السعوديين يعد نفسه قديسا وله السلطة المطلقة الفوضوية على الطالب . وقال انه مهما بلغت قيمة العضو فإنه لا يسمن ولا يغني من جوع بالنسبة للطالب والجامعة ، مؤكدا أن على الجامعات الاعتراف بحقوق الطلاب الذين هم أساتذة الغد . جاء ذلك خلال إلقائه لمحاضرة بعنوان «مستقبل الجامعات السعودية بين الواقع والطموح» بمركز الجامعة بالرياض أمس . واضاف انه حان الوقت للانتقال إلى علاقة تعاقدية بين مجلس الوزراء والجامعات بتخصيص ميزانية محددة بمخرجات محددة ، مؤكدا ان المساءلة غائبة عن مديري ومسؤولي الجامعات بالمملكة ، مشيرا الى ان من أعضاء مجلس الوزراء من هم خريجي جامعة الملك سعود التي هي الترمومتر الحقيقي لقياس الجامعات الأخرى . واوضح ان المملكة بحاجة لأكثر من 50 جامعة حكومية مستقبلا ، وأن العدد الحالي لا يكفي لاستيعاب خريجي الثانوية العامة الذين تتزايد أعدادهم في كل عام ، ولا يلبي متطلبات سوق العمل بالمملكة ، مشيرا إلى أن جامعة الملك سعود أصبحت «حمالة الأسية» من ناحية قبولها لأعداد هائلة من خريجي التعليم العام ، مؤكدا في الوقت ذاته أن التضخم الكبير لخريجي الثانوية العامة أدى إلى حدوث خلل حاد في جودة التعليم الجامعي . ورفض مدير جامعة الملك سعود فكرة وجود انتخابات داخلية بالجامعات لتعيين عمداء ورؤساء أقسام الكليات بقوله : «إن الجامعات ليست مجالس بلدية ينتخب العموم رؤساء وأعضاء لها» ، مضيفا بأن هناك العديد من التحديات التي تواجه الجامعات السعودية وفي مقدمتها الجودة بمفهومها الشامل ، مشددا بضرورة جعل الطالب محور العملية التعليمية واستبدالها من واقعها وهو التلقيني بالإكراه إلى مستقبلها التفاعلي بالاستمتاع . وأكد أن التعليم العالي والتعليم العام حلقة مترابطة رافضا الأعذار المتكررة لمسؤولي التعليم العالي بسوء مخرجات التعليم العام ، مطالبا بوضع طرق علاجية بالتعليم العالي والتسلح بعلاج الشجرة من أقصاها إلى جذورها ، وليس قطاف ثمارها فقط . ولفت العثمان إلى أهمية تغيير مسمى كليات خدمة المجتمع إلى المسؤولية الاجتماعية أو الشراكة المجتمعية ، موضحا أن الاستثمار الحقيقي للعالم هو العقل البشري الذي لم ينضب بعد وليس باطن الأرض ، مشددا على تفعيل دور الجامعات السعودية في استدراك واقع الأجيال المقبلة ، وأن (12) مليون برميل نفط يوميا لن تكفيهم للعيش في حياة كريمة وسعيدة . وطالب مدير جامعة الملك سعود بضرورة توفير بيئة تعليمية منفتحة لا منغلقة لممارسة التعلم والتعليم واستقطاب أعضاء هيئة تدريس وطلاب من جميع دول العالم للاستفادة وتبادل الخبرات التعليمية والعلمية بغض النظر عن الديانة والجنسية ، مشددا على أهمية إعطاء الأولوية والتركيز على أعضاء هيئة التدريس الشباب والاستعانة بخبرات القدامى المتميزين في إشارة إلى ضرورة التخلي عن كبار السن منهم . وأشاد بجهود خادم الحرمين الشريفين في دعم العملية التعليمية بالمملكة واصفا إياه برائد التنمية البشرية والمعرفة لتوفيره الدعم المادي والمعنوي الكبير للتعليم بكافة أشكاله ، وأن على الجامعات السعودية استغلال الوفرة المالية الهائلة باستخدامها بالشكل الأمثل لتحقيق تطلعات وطموح القيادة والمواطن ، والاحتذاء بالجامعات العالمية خاصة في كوريا الجنوبية مضيفا : «عمالة كوريا الجنوبية بنوا صرح جامعة الملك سعود قبل (30) عاما وهم من دولة كانت عالة على المجتمع الدولي نتيجة الفقر الذي داهمهم ، وهم الآن في مراحل تفاوض مع الجامعة للظفر بخدماتهم في إنشاء مركز بحثي بوادي الرياض للتقنية ، وأصبحت كوريا في فترة وجيزة الدولة الثانية عشرة في اقتصاد العالم ، وفاتورة مبيعاتها لدولة عربية واحدة تصل إلى (40) مليار دولار سنويا ، وصادراتها المعرفية بلغت (350) مليار دولار سنويا ، وسر تحول هذه الدولة هو المعرفة التي تعتمد عليها في جامعاتها.