شاب في مقتبل العمر، حيوي، يثير الفرح في مَن حوله.. ذات يوم تلقيتُ اتصالاً هاتفيًّا منه -رحمه الله- يعرّفني بنفسه، ويتحدث معي في أمور تخص السياحة من ناحية، وتخص الآثار من ناحية أخرى، كان يتحدث معي في الآثار بشكل أقوى منه في السياحة.. ومن ثم التقينا في لقاء بسيط لم يتجاوز ربع الساعة، ولكنه كان بالنسبة لي مؤثّرًا؛ لأنني استمعتُ لحديث هادئ رزين من شاب توفرت له كل سبل العيش الرغيد، والمجالات الواسعة من التفكير في مواضيع أخرى من تلك التي تشغل الشباب. وبعد عدة أسابيع من ذلك اللقاء الأخوي تلقيتُ توجيهًا من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان للتنسيق مع الشيخ عبدالمقصود خوجة لتحقيق مبادرة من هذا الشيخ الفاضل باستلام مخطوطات قرآنية وغيرها بالغة الأهمية، كإهداء من الشيخ عبدالمقصود للهيئة العامة للسياحة والآثار، وعلى الفور تم التنسيق، وكان الشيخ عبدالمقصود حينها غير موجود بجدة، ولكنه قال لي هاتفيًّا: لن نؤجّل عملية الاستلام، وسيكون هناك تواصل بيننا، وبين مكتبه، وبالفعل تواصلت هاتفيًّا مع الأخ (إباء) الذي كانت رغبته ورغبة والده أن تكون هذه المخطوطات في متحف العاصمة المقدسة. وبالفعل في اليوم التالي توجّهتُ لمكتب الشيخ عبدالمقصود، ووجدت هذا الشاب في استقبالنا، ومعي كان زميلان فاضلان الأخ عبدالرحمن الثبيتي مدير الآثار بالعاصمة المقدسة. (بناء على رغبة الشيخ عبدالمقصود، ورغبة إباء في أن تكون في العاصمة المقدسة)، ومسؤول العلاقات لدينا بجدة الزميل ياسر العبادي، وقد كان الحديث بين الجميع متميّزًا، وأرى هنا أن من الواجب لذكر محاسن موتانا أن أحاول أن أعيد الذاكرة لما دار من حديث مع هذا الشاب، الذي كان يركز على أن مثل هذه المخطوطات القرآنية، والكتب الدينية في الفقه وغيرها، والتي كانت في حدود 28 كتابًا، كان يركز على أن مكانها الطبيعي لدى هيئة الآثار، وفي مكةالمكرمة تحديدًا، متطرّقًا إلى ما يقدمه سمو الأمير سلطان بن سلمان، ويستعرض جزءًا من علاقة والده بسموه الكريم، وكذلك كان يركز على أنه متفائل بما يعمله صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل.. ولا أنسى بأنه طرح عليّ تساؤلاً (بوجود الأخ الفاضل الدكتور محمد الحسن) ويقول: (ماذا تتوقع أن تكون جدة بعد 5 سنوات؟ وهل يمكن أن ينشأ متحف مائي يديره القطاع الخاص في جدة؟).. ألم أقل لكم إن هذا الشاب كان مختلفًا!! لا أريد الإطالة، ولكني هنا لا زلت أستعرض أمامي الحركة الدائمة، والحس المرهف لهذا الشاب نحو مشاعر والده، عندما كنا بعد أشهر من هذه الحادثة نرتب لأمسية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان في اثنينية والده، وكان موضوعها عن الآثار في المملكة بصفة عامة، وفي منطقة مكةالمكرمة بصفة خاصة. فقد كان خيرَ مستمعٍ ومنفّذٍ لتوجيهات والده، بشوشًا مع الجميع، هادئًا في كل شيء. رحمك الله يا أخي إباء، وعظم الله أجر والديك، وأهلك، وجميع مَن عرفك، ومَن سمع عنك. * المدير التنفيذي لمنطقة مكةالمكرمة - الهيئة العامة للسياحة والآثار